في عالم تتسارع فيه وتيرة التغيرات المناخية، وتتزايد معه نداءات الاستدامة، لم يعد الحديث عن الاقتصاد الأخضر مجرد رفاهية فكرية، بل ضرورة ملحة ترسم ملامح مستقبلنا. على أرض دبي، المدينة التي لا تتوقف عن إبهار العالم بطموحها، اجتمع قادة الفكر وصناع القرار في الدورة الحادية عشرة للقمة العالمية للاقتصاد الأخضر، مؤكدين أن السباق نحو عالم أكثر خضرة قد بدأ بالفعل، وأن التكنولوجيا هي الحصان الرابح فيه.

من قلب هذه التجمعات الهادفة، يبرز صوت المهندس عبدالرحيم سلطان، المدير العام للمنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر، وهو يشدد على أن التحول لأنماط الاقتصاد المستدام ليس مجرد أمنية، بل خطة عمل تتطلب أدوات عصرية. “استخدام تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والاستعانة بالبيانات من السبل التي تعزز من سرعة التحول لأنماط الاقتصاد الأخضر في مختلف الدول”، هكذا صرح لـ«الإمارات اليوم»، واضعاً يده على جوهر المعادلة. فالمستقبل، كما يبدو، أخضر ورقمي بامتياز.

تخيل معايا كده، كمية المعلومات الهائلة اللي ممكن نوصلها بضغطة زر، أو القرارات اللي ممكن ناخدها بناءً على تحليل دقيق للبيانات في ثوانٍ معدودة. ده بالظبط اللي بيوفره الذكاء الاصطناعي! هو مش بس بيسرع وتيرة اتخاذ القرارات ووضع السياسات الخاصة بالاقتصاد الأخضر، لأ ده كمان بيفتح آفاق جديدة لإيجاد حلول مبتكرة للتحديات المناخية المعقدة. يعني بصراحة، الموضوع ده مش هزار، ده بيقدم لنا معلومات أدق وأسرع، ومعاها أدوات تحليل البيانات اللي بتوصلنا لنتائج وقرارات حاسمة وداعمة، وبكده نقدر نتحرك بخطوات واثقة نحو مستقبل أكثر استدامة.

ولأن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي، تعمل المنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر بخطوات عملية وملموسة. يتم حالياً دراسة وبحث إيجاد خارطة استثمارية طموحة، ستكون بمثابة مؤشر إرشادي للمستثمرين ورجال الأعمال، لتحديد فرص مشروعات الاقتصاد الأخضر الواعدة. هذه الخارطة لا تقتصر على الدول الأعضاء فحسب، بل تمتد لتشمل الدول ذات النمو المتسارع في هذا القطاع، مما يضمن اتساع رقعة التأثير وتوجيه الرساميل نحو المشاريع الأكثر جدوى واستدامة، وكأنها بوصلة ترشدنا في بحر الاستثمارات الواعد.

وفي سياق الحديث عن السبق والريادة، لا يمكن إغفال الدور المحوري الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة. فالإمارات، كما أشار سلطان، تُعد من الدول السباقة عالمياً في دعم التوسع بالتحول لمشاريع الاقتصاد الأخضر عبر محاور متعددة ومبتكرة. أمثلة على ذلك كثيرة ومضيئة، أبرزها مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية الذي يعد من أكبر مجمعات الطاقة الشمسية في العالم، ومبادرات «مصدر» الرائدة في الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة. هذه النماذج المحلية تُقدم دليلاً حياً على أن الطموح يمكن أن يُترجم إلى واقع مستدام ومزدهر، وأن الرؤية يمكن أن تتحول إلى إنجازات عالمية.

لكن، هل يكفي أن نمتلك التكنولوجيا والخطط الاستثمارية دون وجود الأيادي القادرة على تنفيذها؟ بصراحة، طب إيه فايدة المشاريع لو مفيش ناس فاهمة تنفذها؟ هذا السؤال يطرح تحدياً جوهرياً تبحثه المنظمة مع أعضائها حالياً: بناء القدرات البشرية المؤهلة. فالاقتصاد الأخضر قطاع جديد نسبياً ويتطلب خبرات متخصصة ومعارف دقيقة. توافر كوادر مؤهلة في القطاعين الحكومي والخاص، قادرة على تحويل الأفكار إلى مشاريع قابلة للتطبيق العملي، هو حجر الزاوية لأي تقدم حقيقي في هذا المجال. هناك فجوة عالمية في هذا الجانب، والعمل جارٍ لسدها، لتتلاءم العقول المبتكرة مع الطموحات الكبيرة.

وعلى صعيد موازٍ، يبرز التمويل كعصب أساسي لأي مشروع طموح. هناك فجوة عالمية في تمويل مشاريع الاقتصاد الأخضر، لكن المنظمة تعمل جاهدة لسد هذه الفجوة عبر تحفيز مخصصات الاستثمار من القطاع الخاص. الشركات باتت أكثر جاهزية للاستثمار في مشاريع تُثبت جدواها الربحية واستدامتها، وهذا هو مربط الفرس. يعني لازم المشروع يكون مربح ومستدام في نفس الوقت، عشان شركات القطاع الخاص تتحمس وتدخل بقوة. وخلال الفترة الماضية، شهدت دبي والمنطقة إنشاء العديد من الصناديق المتخصصة في هذا القطاع، مما يدل على نضوج السوق وارتفاع الوعي. تخيلوا بس، القيمة الإجمالية للمشاريع الخضراء المطابقة للمعايير الدولية عالمياً تتجاوز التريليون دولار! وهذا يؤكد الحجم الهائل للفرص المتاحة والطلب المتزايد على الحلول المستدامة.

ولكي تتكامل هذه الجهود، تعمل المنظمة كذلك على مراجعة وتطوير التشريعات. ففي بعض الدول، قد لا تمكن القوانين القائمة القطاع الخاص من التوسع في مشاريع الاقتصاد الأخضر بالقدر الكافي، مما يشكل عقبة أمام النمو. هنا، تأتي التوصية بتطوير هذه الأطر التشريعية بما يحفز الشركات على الانخراط بشكل أوسع وأكثر فعالية في هذا التحول الاقتصادي الحيوي. إنها دعوة لتسهيل الطريق أمام الاستثمار الأخضر، بدلاً من وضع العقبات، لضمان بيئة قانونية داعمة ومحفزة.

إذن، نحن أمام منظومة متكاملة؛ تكنولوجيا متطورة، خارطة طريق استثمارية واضحة، دعم حكومي رائد، معالجة لتحديات الكفاءات والتمويل، وتشريعات محفزة. القمة العالمية للاقتصاد الأخضر ليست مجرد ملتقى للمناقشات، بل هي ورشة عمل كبرى ترسم مسارات المستقبل وتضع أسس عالم أكثر استدامة. ففي نهاية المطاف، الاقتصاد الأخضر ليس مجرد مصطلح على الأوراق، بل هو رهاننا على بيئة أنظف، ومستقبل أكثر استدامة لأجيالنا القادمة. هل يمكننا أن نتحمل تكلفة التقاعس؟ بالتأكيد لا. إنها مسؤولية جماعية تبدأ من كل فرد ومؤسسة، لنبني معاً عالماً يستحق العيش فيه، ونحقق توازناً حقيقياً بين التنمية وحماية كوكبنا.

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.