في زمن تتسارع فيه نبضات الابتكار وتتغير مفاهيم السفر والإقامة، تبرز قصة نجاح سعودية بدأت كفكرة طموحة لتتحول إلى ريادة إقليمية تستهدف آفاقاً أبعد. إنها حكاية “جاذر إن”، المنصة السعودية الرائدة في مجال السكن التشاركي، وقائدتها الملهمة، السيدة لطيفة التميمي، التي رسمت خارطة طريق واضحة المعالم لشركتها، كان أبرز فصولها إعلانها الأخير الذي يشي بمستقبل واعد: طرح عام أولي مرتقب في السوق السعودي بحلول عام 2028.
هذا الإعلان ليس مجرد تصريح عابر، بل هو تتويج لمسيرة نمو مذهلة ودليل على ثقة عميقة في نموذج عمل الشركة وقدرتها على تحقيق طموحات تتجاوز المحلية. فبعد جولة تمويل ناجحة جمعت خلالها “جاذر إن” 270 مليون ريال سعودي، وهو مبلغ ليس بالهين أبدًا، تبدو الطريق ممهدة أمام تحولات جذرية ومخططات توسعية طموحة. السيدة التميمي، في تصريحات لوكالة بلومبرغ، لم تترك مجالًا للشك حول الاتجاه المستقبلي، مؤكدة أن هذه الأموال ستكون وقوداً للتحول القادم.
الخطة ليست فقط في التوسع الأفقي، بل في التعمق وتقديم تجربة متكاملة للمستخدم. تخيل كده إنك مش بس بتلاقي مكان تقعد فيه، لأ ده كمان ممكن تلاقي عربية تأجرها، وتحجز طيارتك، وكمان تشوف تجارب سياحية مصممة خصيصًا ليك، كل ده من منصة واحدة! يا سلام! هذا التحول نحو تنويع الأنشطة ليشمل تأجير السيارات والرحلات الجوية والتجارب المصممة حسب الطلب، من المقرر أن يبدأ فعليًا العام المقبل، وهذا، بصراحة، بيخلي “جاذر إن” مش مجرد منصة سكن، ده بيخليها شريك سفر متكامل، يلبي كل احتياجات المسافرين من الألف إلى الياء.
ولأن الطموح لا يعرف حدودًا جغرافية، فإن الأموال التي تم جمعها ستُستخدم أيضًا لمد جسور “جاذر إن” إلى ما وراء حدود المملكة. الخطوة الأولى ستكون بالانطلاق نحو الكويت والبحرين، وهما سوقان يمثلان امتدادًا طبيعيًا للمملكة نظرًا للتقارب الثقافي والجغرافي وقوة الروابط بين شعوب المنطقة. وبعدها، تتوجه الأنظار نحو دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، خطوة بخطوة، لبناء حضور إقليمي قوي يرسخ مكانة المنصة كلاعب أساسي في سوق الضيافة والسفر التشاركي. هل يمكننا أن نتخيل “جاذر إن” لتصبح “إير بي إن بي” الخليج؟ المؤشرات تقول نعم وبقوة، معتمدة على فهم عميق للسوق المحلي واحتياجاته.
لكن هذه الطموحات لم تأتِ من فراغ أو مجرد أحلام وردية. “جاذر إن” ليست مجرد شركة ناشئة تحلم، بل هي قصة نجاح راسخة على أرض الواقع، مبنية على أداء ملموس وأرقام تتحدث عن نفسها. الشركة تستحوذ حاليًا على 44% من حصة السوق السعودية في مجالها، وهذا رقم ضخم جدًا لو فكرت فيه كويس، ويعكس ثقة المستخدمين وجاذبية النموذج الذي تقدمه. بأكثر من 72 ألف عقار مسجل لديها، وخمسة ملايين مستخدم نشط، تتضح ريادتها وتأثيرها المباشر في تغيير ثقافة السفر الداخلي وتوفير خيارات سكن متنوعة تناسب مختلف الأذواق والميزانيات. والأهم من ذلك، أن النمو المالي كان متفجرًا؛ فقد حققت الشركة نموًا في الإيرادات بنسبة 100% خلال العام الماضي وحده، وبدأت بالفعل بتحقيق الأرباح في عام 2023. يعني، مش مجرد أرقام على ورق، دي فلوس حقيقية بتدخل!
تأسست “جاذر إن” في عام 2017، وكانت لها الريادة في الحصول على الترخيص كأول منصة للسكن التشاركي (Peer to peer renting) في السعودية. وهذا يشمل كل شيء تقريبًا: من الشقق والبيوت الخاصة، مرورًا بالشاليهات والمنتجعات، وصولاً إلى المخيمات والمزارع وغيرها من بيوت العطلات التي تقدم تجارب إقامة فريدة. يعني، بصراحة، سهلت الموضوع على ناس كتير كانوا بيدوروا على بدائل للسكن الفندقي التقليدي، خاصة في مواسم الأعياد والإجازات، وبنفس الوقت فتحت أبواب دخل إضافية لأصحاب العقارات الراغبين في استثمار ممتلكاتهم.
ما نشهده اليوم مع “جاذر إن” ليس مجرد قصة نجاح لشركة واحدة، بل هو انعكاس لروح المبادرة والابتكار التي تدعمها رؤية المملكة 2030 الطموحة. هذه المنصات لا تقدم فقط خدمات جديدة ومبتكرة، بل تخلق فرص عمل للشباب، تدعم الاقتصاد المحلي من خلال تنشيط قطاعات متعددة، وتساهم في تنويع مصادر الدخل، وخصوصًا في قطاع السياحة الذي يشهد طفرة غير مسبوقة في المنطقة. فهل سنرى “جاذر إن” عملاقًا إقليميًا ينافس الكبار عالميًا في قطاع الضيافة؟ وهل ستغير مفهومنا عن السفر والإقامة في المنطقة بشكل جذري، مقدمة نموذجًا يحتذى به للشركات الناشئة؟ المؤشرات كلها إيجابية، وربما تكون “جاذر إن” مجرد البداية لموجة من الشركات السعودية التي ستترك بصمتها في خارطة الاقتصاد العالمي. إنه عصر الابتكار، و”جاذر إن” تتقدم الصفوف بشجاعة وثبات نحو مستقبل مشرق.