العدالة تنتصر: ثمار التنمية القابضة تحصد ثمار صبرها بعد معركة قانونية طويلة
في عالم المال والأعمال، حيث تتشابك المصالح وتتباين الرؤى، غالباً ما تكون ساحات القضاء هي الفيصل الأخير لفك النزاعات المعقدة. وتحديداً في الرياض، وبعد سنوات من المتابعة والانتظار، يلوح في الأفق قرارٌ قضائيٌّ حاسمٌ يضع نقطة نهاية لملف شائك، ويعيد لشركة “ثمار التنمية القابضة” جزءاً من حقوقها المستحقة. دي قصة مش بس عن فلوس وديون، دي قصة عن الصبر والمثابرة في طلب العدالة، في سوق مليان بالتحديات.
فقد أعلنت شركة ثمار التنمية القابضة، المدرجة أسهمها في سوق تداول السعودي، عن تلقيها قرارات قضائية تنفيذية بالغة الأهمية. هذه القرارات، التي صدرت لصالحها من الدائرة الثامنة عشرة بمحكمة التنفيذ بالرياض، تحمل في طياتها بشرى قوية باستعادة مبلغ مالي كبير طال انتظاره. وحسب الإفصاح الرسمي للشركة، فإن هذه المراسيم التنفيذية قد تم إصدارها أو سيتم تفعيلها في يوم الأربعاء الموافق السابع عشر من سبتمبر عام 2025، في خطوة تمثل تتويجاً لمسيرة قانونية طويلة وشاقة.
جوهر هذه القرارات القضائية يكمن في إطلاق آلية تنفيذية صارمة، تتمثل في بيع بالمزاد العلني لعقارات ومركبات مملوكة لطرف ذي علاقة بالشركة. هذا الطرف، الذي كان مستثمراً في شركة “أسواق ثمار ووسمي الزراعية” الزميلة، سيجد نفسه أمام هذه الإجراءات بهدف سداد الدين المستحق لـ “ثمار التنمية”. لكن ما هو مثير للاهتمام في هذه القرارات أنها تتضمن مرونة نسبية؛ فإذا ما نتج عن بيع جزء من هذه الأصول مبلغ كافٍ لتغطية الدين المحجوز، بالإضافة إلى نفقات التنفيذ، فسيتم وقف بيع باقي أموال المدين. يعني بالبلدي كده، لو الفلوس كفت من بيع حاجة أو اتنين، مش هيبيعوا كل حاجة، وده بيفتح باب لتوازن معين بين استرداد الحقوق وعدم الإضرار الكامل بالطرف الآخر.
ولضمان سير هذه العملية بسلاسة وفعالية، تم تفويض جهة متخصصة ومعتمدة وهي “مركز الإسناد والتصفية” للقيام بكافة الإجراءات اللازمة. سيقوم المركز بإنهاء إجراءات التثمين، وهي خطوة جوهرية لتحديد القيمة العادلة للأصول قبل عرضها للبيع، مع صلاحية توكيل جهات أخرى للمساعدة في هذا المسعى. كما سيُناط بالمركز مسؤولية إفراغ الأصول للمشتري الجديد وإنهاء جميع إجراءات نقل الملكية لدى الجهات الرسمية المختصة. وكأي خدمة احترافية، سيتقاضى المركز أجرة محددة للبيع والتصفية، تم تحديدها بنسبة 3.5% من حصيلة البيع، وهي نسبة معقولة نظير الجهد والخبرة المطلوبة لإتمام مثل هذه المهام المعقدة التي تتطلب دقة ونزاهة.
لكي نفهم الأبعاد الكاملة لهذه القرارات، يجب أن نعود قليلاً في الزمن. تعود جذور هذه المديونية إلى عام 2015، عندما قامت “ثمار التنمية القابضة” ببيع حصة نسبتها 20% من إحدى شركاتها التابعة، وهي “شركة أسواق ثمار ووسمي الزراعية”، لأحد المستثمرين. قيمة تلك الصفقة بلغت حينها 37.184 مليون ريال سعودي، وهو مبلغ ضخم يعكس أهمية الحصة وقيمة الشركة في ذلك الوقت. المشكلة بدأت عندما لم يقم هذا المستثمر بسداد كامل المبلغ المتفق عليه، تاركاً مبلغاً ضخماً مستحقاً، وهو ما أدى إلى هذا النزاع الطويل. دي مشكلة متكررة في عالم الصفقات الكبيرة، ساعات الأمور بتمشي تمام، وساعات بتحصل ظروف أو حسابات غلط بتودي للمحاكم، وما هو الواحد ساعات بيزهق من تعقيدات الأمور دي.
ولم تقف “ثمار” مكتوفة الأيدي أمام هذا الأمر. فبعد محاولات التسوية التي لم تفضِ إلى نتيجة، لجأت الشركة إلى القضاء لضمان حقوقها واسترداد مستحقاتها. وفي نوفمبر 2020، كانت هناك نقطة تحول مهمة، حيث صدر حكم قضائي ابتدائي لصالحها من المحكمة التجارية بالرياض، يقضي بإلزام المستثمر بسداد مبلغ 22.41 مليون ريال سعودي كباقي للمديونية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استمرت المساعي القانونية الدؤوبة حتى أبريل 2021، عندما اكتسب هذا الحكم صفة القطعية، أي أنه أصبح غير قابل للطعن والاستئناف، ليصبح بذلك قراراً نهائياً وملزماً. يعني، خلاص، مفيش رجعة في الحكم ده، وده اللي مهد الطريق لقرارات التنفيذ اللي بنتكلم عنها النهاردة بعد مشوار طويل.
هذه القرارات القضائية الجديدة ليست مجرد أرقام تُضاف لميزانية الشركة، بل هي مؤشر قوي على فعالية النظام القضائي في المملكة في حماية حقوق المستثمرين وتعزيز الشفافية في بيئة الأعمال. استعادة مبلغ بهذا الحجم سيُساهم بلا شك في تعزيز المركز المالي لـ “ثمار التنمية القابضة”، وربما يتيح لها فرصاً جديدة للاستثمار والتوسع في مشاريع أخرى، أو حتى تقليل عبء الديون إذا كانت موجودة، ما يعطيها مرونة مالية أكبر. أما بالنسبة للمستثمر، فالعواقب واضحة؛ خسارة أصوله الشخصية لتسديد دين مستحق، وهو تذكير صارخ بأهمية الالتزام التعاقدي والوفاء بالعهود في أي صفقة تجارية. دي خطوة مهمة عشان السوق كله يعرف إن محدش فوق القانون، وإن الالتزامات المالية لازم تتاخد بجدية تامة.
في الختام، قصة “ثمار التنمية القابضة” مع هذا المستثمر ليست مجرد حكاية نزاع مالي ينتهي بقرارات تنفيذية روتينية. إنها قصة تعكس أهمية اليقظة في صفقات الأعمال، وقوة القانون في فرض الالتزامات، والمدة التي قد تستغرقها العدالة لتأخذ مجراها. إنها تبعث برسالة واضحة لكل من يتعامل في السوق السعودي: أن الحقوق مصونة، وأن الإجراءات القضائية قادرة على استردادها مهما طال الأمد وتعددت التفاصيل. هل هذا لا يبعث الطمأنينة في نفوس المستثمرين الآخرين الذين يخشون ضياع حقوقهم؟ بالتأكيد نعم، فهو يرسخ الثقة في مناخ الاستثمار. في النهاية، أي سوق عايز ينمو ويتطور، لازم يكون فيه عدل وشفافية وحماية للحقوق بشكل فعال. والقرارات دي بتأكد على ده، وبتقول إن العدالة بطيئة أحياناً، بس بتوصل في الآخر، وأكيد فيه ناس كتير هترتاح بعد ما سمعت الخبر ده.