في عالم العملات الرقمية، حيث تتراقص الأسعار بين الخوف والطمع، يبدو أن هناك قصة جديدة في الأفق، قصة تحمل في طياتها ملامح تحول كبير. فبالرغم من صعود نسبي للسوق يوم الثلاثاء الماضي، إلا أن مؤشر الخوف والطمع الشهير لدى CoinMarketCap استقر عند نقطة مثيرة للاهتمام: 44. وده بيخلينا نسأل، هو السوق ده خايف ولا بيستعد لحاجة تانية خالص؟ بصراحة، النقطة دي بتحطه على الحد الفاصل بين حالة الخوف والحياد، وبتشير إلى أن كتير من المتداولين لسه بيلعبوا على الهادي، مستنيين تأكيد أقوى قبل ما يدخلوا السوق بقوة.
لكن زي ما بيقول المثل، “الرجال أفعال”، وخبراء الاستثمار المخضرمون بيبصوا للحذر ده بنظرة مختلفة تمامًا. هما شايفينها إشارة واضحة لإمكانيات ضخمة لتدفقات رأسمالية مستقبلية وقفزات سعرية محتملة. وفي قلب هذا المشهد، تتجه الأنظار كلها نحو عملة الإيثريوم (ETH)، اللي بتلعب دور البوصلة في سوق العملات البديلة. فاللي بيحصل مع الإيثريوم غالبًا ما بيكون مؤشر على الاتجاه العام للسوق كله.
تخيل كده، لو الإيثريوم بدأ في مسار صعودي قوي وبان إنه في طريقه لكسر حاجز الـ 5000 دولار أو حتى أكتر بكتير خلال الأسابيع أو الشهور الجاية، ده معناه إن الزخم رجع لسوق العملات البديلة. يعني الفلوس اللي كانت مترددة هتبدأ تتدفق ناحية الأصول اللي فيها مخاطرة أعلى، وهتحفز كتير من المستثمرين إنهم يدوروا على مشاريع صغيرة القيمة السوقية، اللي عندها إمكانيات نمو انفجارية. ومن ضمن المشاريع اللي بدأت تلفت الأنظار بقوة في الفترة دي، مشروع “بيتكوين هايبر” (Bitcoin Hyper – HYPER)، اللي قدر يجمع حوالي 15 مليون دولار في مرحلة البيع المسبق، مع تدفقات يومية تتراوح بين 200 ألف و300 ألف دولار.
الثيران تستهدف 9000 دولار: أسباب الصعود المرتقب
إيه الحكاية بالظبط؟ التوقعات الصعودية للإيثريوم مش مجرد تكهنات عشوائية، دي مدعومة بحقائق على الأرض. أولًا، فيه زيادة ملحوظة في التبني المؤسسي للعملة. شركات كبيرة زي “بيت ماين” (BitMine)، اللي بتدير احتياطيات ضخمة من الإيثريوم، بتتبنى استراتيجية جريئة تشبه أسلوب مايكل سايلور الأيقوني مع البيتكوين. يعني إيه؟ يعني ملتزمين بالشراء المستمر لـ ETH، بصرف النظر عن تقلبات الأسعار، وده طبعًا بيخلق طلب دائم وضاغط.
الطلب المتزايد ده، لما يندمج مع النشاط المتزايد على شبكة الإيثريوم نفسها (on-chain activity) وآليات التضخم السلبي اللي بتخلي المعروض ينقص باستمرار، بيرسم صورة متفائلة جدًا لأداء العملة الأساسي. مش بس كده، الإيثريوم سجل يومًا تاريخيًا في تدفقات العملات المستقرة، وصل لـ 9 مليارات دولار، وده مؤشر تاني قوي على ازدياد التبني المؤسسي وضغط الشراء.
من الناحية الفنية، الرسم البياني الأسبوعي للإيثريوم شكله صعودي بامتياز. المحلل البارز “كريبتو إيليتس” (CryptoElites) أشار إلى أن “الإيثريوم اخترق أخيرًا مقاومة طويلة الأجل مهمة”، مضيفًا أن هذا “يبدو كسيناريو كلاسيكي للاختراق ثم إعادة الاختبار”. ولو ده حصل، فالطريق هيكون ممهد لمواصلة الصعود لما بعد الـ 5000 دولار، وصولًا إلى 9000 دولار في 2025. وده يمثل أكتر من ضعف السعر الحالي اللي كان أقل من 4300 دولار وقت التحليل.
على نفس المنوال، المحلل “دونالد دين” (Donald Dean) شايف إن الإيثريوم في طور اختراق نموذج وتد هابط، وحدد ثلاثة أهداف سعرية محددة: 5766 دولارًا، 6658 دولارًا، و9547 دولارًا. “دين” وضح إن الإيثريوم بيقترب كمان من مستوى حجم تداول مهم (volume shelf)، وده بيشير لتراكم قوي في المنطقة السعرية دي، ممكن يشكل قاعدة صلبة للحركة الصعودية اللي جاية.
حيتان السوق تسبح مع صناديق المؤشرات: قصة نقص المعروض
لو الإيثريوم وصل فعلاً لـ 9000 دولار، ده ممكن يضيف حوالي 500 مليار دولار لقيمته السوقية، واللي بدوره هيرفع سقف ارتفاعات محتملة لعملات بديلة تانية كتير. وعلشان كده، خبراء كتير بيركزوا دلوقتي على المشاريع الأصغر اللي متوقع إنها تتفوق على السوق في الشهور الجاية وتحقق عوائد مبهرة، زي مشروع Bitcoin Hyper اللي ذكرناه قبل كده.
الإيثريوم نفسه بيبني زخم قوي فوق مستوى 4600 دولار، بعد ما ارتفع بأكتر من 13% في أسبوعين من قاعه عند 4070 دولارًا. وده خلى قيمة الإيثريوم السوقية تقترب من 560 مليار دولار، مع أحجام تداول يومية ضخمة بلغت 27.9 مليار دولار، ودي بتعكس عودة قناعة قوية من المتداولين الأفراد والمؤسسات. السؤال دلوقتي، هل تاني أكبر أصل مشفر في العالم قادر إنه يخترق سقف الـ 5000 دولار ويبدأ مساره الصعودي نحو أهداف سعرية أعلى في الدورة الحالية؟
التدفقات المؤسسية وإطلاق صناديق المؤشرات المتداولة الفورية للإيثريوم (ETFs) في الولايات المتحدة عملوا تحول كبير في هيكل سوق العملة. التدفقات دي تجاوزت الـ 11 مليار دولار من بداية السنة، وشفنا أسابيع لوحدها التدفقات فيها بتعدي الـ 2.8 مليار دولار. “آي شيرز إيثريوم” التابع لـ “بلاك روك” كان هو القائد في الموجة دي، وده جلب سيولة هائلة من المؤسسات الأمريكية وعزز امتصاص المعروض طويل الأجل.
حتى “حيتان السوق” (المحافظ الكبيرة اللي بتحتفظ بين 10 آلاف و100 ألف ETH) عززت الطلب بشكل كبير، وجمعت حوالي 6 ملايين عملة إضافية خلال الصيف، ورفعت إجمالي حيازاتها لـ 20.6 مليون ETH. المراكز التقيلة دي مش مجرد مضاربات قصيرة المدى، دي إشارات استراتيجية طويلة الأجل، وبتعكس توجه “وول ستريت” والمستثمرين الأثرياء نحو دمج الإيثريوم في محافظهم الاستثمارية.
كل ده عمل نقص غير عادي في المعروض المتداول للإيثريوم. احتياطيات البورصات من العملة نزلت لـ 18.8 مليون ETH بس، وده أدنى مستوى ليها من سنة 2016، وبيأكد إن المستثمرين بيفضلوا الاحتفاظ أو “التكديس” (Staking) للعملة بدل ما يسيبوها متاحة للبيع. والعملات المكدسة وصلت لمستوى قياسي عند 36.2 مليون ETH، يعني تقريبًا تلت إجمالي المعروض.
نقص السيولة ده بيضخم أي رد فعل للأسعار مع أي تسارع في الطلب. بيانات التدفقات على الشبكة بتأكد التحول ده، حيث انخفضت الودائع اليومية للإيثريوم في البورصات من 1.8 مليون في منتصف أغسطس إلى 750 ألف بس، وده قلل من ضغط البيع وساعد على تعزيز مستويات الدعم السعري.
الشارت بيحكي قصة: هل الـ 15 ألف دولار حلم قريب؟
من منظور فني، زوج ETH/USD بيتداول في قناة صاعدة مع قيعان أعلى وزخم مستمر. تم تأكيد الاختراق فوق 4450 دولارًا عن طريق شموع ابتلاعية صعودية قوية، وده أسس قاعدة أعلى عند 4425 دولارًا. الدعم القريب موجود عند 4550 و4425 دولارًا، متماشيًا مع المتوسط المتحرك لـ 50 يومًا، بينما مستويات المقاومة متجمعة عند 4760 و4945 و5135 دولارًا. مؤشر القوة النسبية (RSI) انخفض من 69 لـ 60، وده بيظهر حركة تصحيحية طبيعية من غير ما تكسر الهيكل الصعودي. المحللون بيشيروا إن إغلاق يومي حاسم فوق 4760 دولارًا هيمهد الطريق لاختبار 4945 دولارًا، ولو استمر الزخم، ممكن يتبعه 5135 دولارًا. أما المتوسط المتحرك لـ 200 يوم عند 3994 دولارًا فبيفضل أرضية طويلة الأجل للمستثمرين اللي بيتابعوا مخاطر الهبوط.
أساسيات شبكة الإيثريوم نفسها بتعكس التقدم في السعر. معاملات الشبكة ارتفعت لـ 1.7 مليون معاملة يوميًا، والعناوين النشطة وصلت لـ 800 ألف، وهي مستويات بتتجاوز ذروة الدورات السابقة. أنشطة العقود الذكية كمان بتتسارع، وسجلت أكتر من 12 مليون استدعاء يومي في أغسطس، وده بيأكد دور الإيثريوم كعمود فقري للتمويل اللامركزي والأصول المرمزة. مؤشر “حجم التوازن” (On-Balance Volume – OBV) أطلق إشارة تراكم قبل صعود سبتمبر، وقفزت أحجام التداول بنسبة 12.3% لـ 43.4 مليار دولار خلال 24 ساعة، وده بيأكد مشاركة المؤسسات.
سعر الإيثريوم حاليًا عند حوالي 4600 دولار، والمتداولون في ترقب لما إذا كان الاختراق الحاسم فوق 5000 دولار هيفتح الباب لموجة صعودية أكبر بكتير. محللو السوق بيقترحوا إن مزيجًا من تدفقات صناديق المؤشرات، وتراكم الشركات لـ ETH في خزائنها، وتبني حلول الطبقة الثانية (Layer 2) ممكن يمهد الطريق لهدف طويل الأجل للإيثريوم يبلغ 15 ألف دولار.
في النهاية، قد لا يكون الحديث عن الإيثريوم مجرد توقعات سعرية عابرة، بل هو حوار حول مستقبل التمويل الرقمي بأسره. فهل أنت مستعد لهذه الموجة التكنولوجية والاقتصادية الضخمة التي لا تزال تتكشف أمام أعيننا؟ هذا سؤال يستحق منا جميعًا وقفة تأمل جادة.