حسن محمود
هل تخيلت يوماً أن يصبح عقارك، بكل تفاصيله، مرقماً كبطاقة هوية فريدة لا لبس فيها؟ أن يكون له سجل إلكتروني لا يطاله التزوير أو التلاعب، يضمن حقوقك ويحمي استثمارك المستقبلي؟ هذا ليس حلماً بعيد المنال، بل هو واقع بدأ يتشكل ببطء وثبات في المملكة العربية السعودية، ليُعيد تعريف مفهوم ملكية العقارات ويضع حداً للعديد من التعقيدات التي طالما أرهقت الملاك والمستثمرين على حد سواء.
في خطوة وصفت بأنها تحول نوعي في القطاع العقاري بالمملكة، أعلنت الهيئة العامة للعقار عن البدء في تطبيق نظام التسجيل العيني للعقار. هذا النظام، الذي يُعد دعامة أساسية لمستقبل شفاف وموثوق للقطاع، ليس مجرد إجراء روتيني، بل هو قفزة نوعية نحو تنظيم سوق العقارات بشكل جذري. يعني ببساطة، كل عقار هيكون ليه رقم مميز زي الرقم القومي بتاع البشر كده، ويتم تسجيل كل تفاصيله بدقة متناهية. تخيل حجم الطمأنينة اللي ده ممكن يجيبها لأي مالك أو مستثمر!
تبدأ المرحلة الأولى من هذا المشروع الطموح في أواخر عام 2025، وتحديداً في الثامن والعشرين من سبتمبر، لتستمر حتى الأول من يناير 2026. لكن لا تظن أن الحديث هنا يدور عن بضع مئات من العقارات؛ فالرقم مهول ويشمل آلاف الوحدات العقارية المنتشرة في قلب كبريات المدن والمحافظات. ففي منطقة الرياض وحدها، والتي تُعد قاطرة الاقتصاد السعودي، سيشمل التسجيل العيني 2797 قطعة عقارية موزعة على 23 حياً. هذه الأحياء لا تقتصر على العاصمة فقط، بل تمتد لتشمل مناطق حيوية في محافظات الخرج والدلم والمجمعة وحوطة سدير، ما يُظهر سعة النطاق الجغرافي للمشروع.
المشهد لا يتوقف عند الرياض، فمكة المكرمة، قلب العالم الإسلامي ومنطقة الجذب الأكبر للمشاريع التنموية الضخمة، تشهد هي الأخرى جزءاً كبيراً من هذه العملية. فقد تقرر تسجيل 37,604 قطعة عقارية في 41 حياً داخل المنطقة، وهو رقم يعكس حجم النشاط العمراني والنمو المتسارع فيها. أما المنطقة الشرقية، التي تمثل شريان الطاقة والاقتصاد الصناعي للمملكة، فستشهد تسجيل 13,651 قطعة عقارية في 13 حياً، تشمل محافظات حيوية كالخفجي وحفر الباطن. وما زالت الهيئة تُطمئن الجميع بأن القائمة لا تزال قيد التحديث، ووعدت بالإعلان عن بقية المناطق في أوقات لاحقة. يعني لسه فيه كلام كتير جاي بخصوص باقي المحافظات والمدن، وده شيء مطمئن جداً.
لكن ما هي المتطلبات الأساسية لهذه العملية؟ الأمر ليس بالتعقيد الذي قد يتخيله البعض، لكنه يتطلب دقة وحرصاً. الشرط الأساسي للتسجيل العيني هو توفر صك ملكية مستوفٍ لجميع المتطلبات النظامية. يعني من الآخر كده، لازم الورق بتاعك يكون سليم 100% ومفيش فيه أي غلطة. فالهدف هو تصحيح الأوضاع وتوثيقها، وليس إضافة مزيد من التعقيدات. وتسهيلاً على الملاك، يمكن إتمام عملية التسجيل بسهولة ويسر عبر منصة السجل العقاري الإلكترونية، التي صُممت لتكون واجهة استخدام مرنة وفعالة، أو من خلال مراكز الخدمة المنتشرة. هل هناك أسهل من ذلك؟ كل ده بيسهل الإجراءات عشان الناس متبقاش محتارة.
الهيئة العامة للعقار لم تكتفِ بالإعلان عن المشروع وتفاصيله، بل وجهت دعوة واضحة وحازمة لجميع ملاك العقارات الواقعة ضمن هذه المناطق المحددة. الدعوة تتمثل في التأكد من جاهزية صكوك ملكيتهم واستيفائها للمتطلبات القانونية قبل بدء المواعيد المقررة. هذه الدعوة ليست مجرد توصية، بل هي تحذير صريح من مغبة التهاون. فعدم التسجيل في الوقت المحدد، يؤكد بيان الهيئة، سيعرض الملاك للعقوبات والغرامات المالية وفقاً لنظام التسجيل العيني الجديد. وهذا، بصراحة، منطقي جداً، عشان الناس تاخد الموضوع بجدية ومحدش يقول “أنا مكنتش أعرف”.
مع انطلاق عملية التسجيل، سيحظى كل عقار، سواء كان شقة سكنية، أو قطعة أرض، أو مبنى تجارياً، بـ “رقم عقار” فريد، يُعد بمثابة هويته الرقمية. وبالإضافة إلى ذلك، سيتم إصدار صك تسجيل ملكية جديد يتضمن بيانات دقيقة ومفصلة عن العقار، تشمل موقعه الجغرافي، وصفه الشامل، حالته الراهنة، وكذلك كافة الحقوق والالتزامات المرتبطة به. هذا الإجراء الدقيق يُبنى على رؤية واضحة تهدف إلى تعزيز الشفافية المطلقة والموثوقية العالية في السوق العقاري السعودي، ما يعزز ثقة المستثمرين والملاك على حد سواء.
ولكن لماذا كل هذا الجهد والتنظيم؟ الأهداف تتجاوز مجرد التوثيق الإداري. فالتسجيل العيني للعقار يرمي إلى دعم استدامة القطاع العقاري، عبر توفير بنية تحتية معلوماتية قوية تساعد في اتخاذ القرارات التخطيطية والتنموية بشكل أكثر كفاءة. هذا النظام الجديد سيسهم في تقليل النزاعات العقارية، ومكافحة التلاعب والتزوير، وبالتالي، سيجعل السوق العقاري أكثر جاذبية للاستثمارات المحلية والأجنبية. إنه استثمار في المستقبل، يضمن النمو المستدام ويحمي حقوق الجميع. هل يمكننا أن نرى قطاعاً عقارياً مزدهراً دون هذا الأساس المتين؟ بكل تأكيد لا، وهذا هو ما تسعى إليه المملكة ضمن رؤيتها الطموحة 2030، أن يكون كل شيء واضح وموثق، عشان نبني مستقبل أفضل.
