في عالمٍ تتأرجح فيه الموازين الاقتصادية صعوداً وهبوطاً، وتتغير فيه حظوظ الشركات بلمح البصر، شهدت أسواق المال العربية يومًا حافلاً بالمتغيرات، أشبه ما يكون بلوحة فنية متكاملة رسمها المستثمرون بألوانٍ من الطموح والحذر. فهل كانت الأيام الأولى لهذا الأسبوع مجرد موجة عابرة، أم أنها تحمل في طياتها بشائر تحولات أعمق؟ دعونا نغوص سويًا في تفاصيل ما جرى، ونكتشف معاً نبض هذه الأسواق.

البداية كانت من قلب الإمارات، وتحديداً من سوق دبي المالي، الذي أثبت قدرته على مواصلة الزخم الإيجابي لجلسة ثانية على التوالي. تخيل معي، كأن السوق كان بيتنفس الصعداء كده، خاصة مع الدعم القوي الذي جاء من أسهم القطاع العقاري. هذا القطاع، الذي يُعد دائماً مؤشراً حيوياً على صحة الاقتصاد، كان بمثابة المحرك الأساسي، دافعًا بالمؤشر العام للسوق للصعود بنسبة 0.07%، أي ما يعادل 3.9 نقاط، ليغلق عند مستوى 6027.15 نقطة. من بقى اللي قاد المسيرة دي؟ طبعًا أسماء لامعة زي «إعمار العقارية» و«الاتحاد العقارية»، اللي شهدت ارتفاعات واضحة بلغت 0.71% و2.4% على التوالي، وده بيوريك إن الثقة في القطاع العقاري لسه موجودة وقوية، ومستثمريه شايفين فيه فرص نمو واعدة.

لكن مش العقارات بس هي اللي خطفت الأضواء في دبي. سهم «الخليج للملاحة» كان نجم اليوم بلا منازع، متصدرًا ارتفاعات 17 سهماً في السوق، مرتفعًا بنسبة 5.8%، ليوصل لسعر 9.14 دراهم. والغريب بقى يا صاحبي، إنه وصل خلال الجلسة لأعلى مستوى ليه من أغسطس 2008، يعني من أيام الأزمة المالية العالمية، ودي حاجة مش بسيطة أبدًا، بتدي إشارة قوية للمستقبل وبتثير تساؤلات حول عودة الثقة لمستويات ما قبل الأزمة في بعض القطاعات. ولنتمكن من فهم من يحرك السوق، لابد أن نلقي نظرة على السيولة المتدفقة. هنا، استحوذ سهم «إعمار العقارية» على النصيب الأكبر من إجمالي السيولة بأكثر من 214.2 مليون درهم، تلته شركات عملاقة مثل «طلبات» بسيولة 80.7 مليون درهم، ثم «دبي الإسلامي» جاذبًا 58 مليون درهم، وهو ما يوضح قوة التداول والتركيز على هذه الأسهم القيادية.

وما ننساش كمان سهم «جي إف إتش المالية» الذي ارتفع بنسبة 1.8%، مسجلًا 1.70 درهم، وهو أعلى مستوى له منذ سبتمبر 2017. وسط هذا الزخم، اتجه المستثمرون الإماراتيون نحو الشراء، محققين صافي استثمار تجاوز 10.3 ملايين درهم، ما يعكس حالة من التفاؤل المحلي. كما شهد السوق تنفيذ 4 صفقات كبيرة ومباشرة على أسهم «مصرف عجمان» و«الرمز كوربوريشن» بقيمة إجمالية بلغت 69.5 مليون درهم، وهو ما يؤكد أن هناك حركة جدية وضخاً لرؤوس الأموال في صفقات ذات حجم. وفي سياق متصل، أعلن سوق دبي المالي عن إنجاز المراجعة الدورية لمؤشراته العامة والإسلامية، خطوة تعزز من شفافية السوق وكفاءته.

ولما ننتقل لأبوظبي، الصورة ما كانتش مختلفة كتير. مؤشر فوتسي سوق أبوظبي العام «فادجي» هو كمان صعد بنسبة 0.08%، وكسب السوق أكثر من ملياري درهم في قيمته السوقية. يعني فلوس كتير دخلت السوق يا جماعة! ومين اللي كان في الصدارة هناك؟ «أدنوك للحفر» اللي استحوذ على نصيب الأسد من إجمالي التداولات بنحو 134 مليون درهم، مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 1.7% ليصل إلى 5.97 دراهم، وهو أعلى مستوى له منذ تاريخ إدراجه، ودي شهادة قوية على أداء الشركة وقدرتها على جذب الاستثمارات. تلاه «أدنوك للغاز» و«العالمية القابضة» بسيولات ضخمة تجاوزت 120 مليون درهم لكل منهما. هل هذا مؤشر لنمو قوي في قطاع الطاقة والشركات الكبرى؟ أكيد طبعاً. وبعض الأسهم الأخرى مثل «بنك الفجيرة الوطني» و«أوراسكوم كونستركشن» سجلت ارتفاعات ملحوظة، فيما تراجعت أسهم أخرى مثل «رابكو للاستثمار»، وهو أمر طبيعي في ديناميكية الأسواق.

على فكرة، إجمالي السيولة اللي اجتذبتها الأسهم المحلية في الإمارات، في أول جلسة بس من الأسبوع، عدت الـ 1.5 مليار درهم! رقم ضخم طبعاً بيعكس حيوية الأسواق المحلية. أما على الصعيد الإقليمي، الأسواق العربية بشكل عام كانت زي المزيكا، فيها نغمات صعود وهبوط، يعني أداء متباين. فبينما ارتفعت مؤشرات البورصات السعودية والكويتية والبحرينية، شهدت بورصات قطر ومسقط ومصر تراجعات طفيفة. كل سوق وله ظروفه، واخد بالك؟

في السعودية، مؤشر السوق «تاسي» استمر في مسلسل الارتفاعات للجلسة الخامسة على التوالي، بنسبة 0.63% ليغلق عند 10876 نقطة، مصحوبًا بتداولات ملحوظة عكست ثقة المستثمرين. أسهم مثل «رؤوم» التي قفزت بنسبة 10%، إلى جانب «مصرف الراجحي» و«أكوا باور»، كانت تتصدر المشهد صعودًا، وده بيوريك إن الاقتصاد السعودي بيشد حيله. على النقيض، بعض الأسهم مثل «سينومي ريتيل» و«أنابيب السعودية» شهدت انخفاضات، لكن هذا لا يقلل من الصورة الإيجابية العامة.

أما في مصر، البورصة كانت زي الميزان، كفة طالعة وكفة نازلة. المؤشر الرئيسي «إيجي إكس 30» تراجع بنسبة 0.1% تحت ضغط أسهم قيادية، لكن في نفس الوقت، مؤشرات أخرى مثل «إيجي إكس 70» و«إيجي إكس 100» كانت بتصعد. المستثمرون المصريون والعرب كانوا يميلون للشراء، وده بيعكس ثقتهم في السوق على المدى الطويل، بالرغم من إن رأس المال السوقي خسر 6 مليارات جنيه في يوم واحد، ليغلق عند مستوى 2.492 تريليون جنيه. وده بيوريك إن السوق المصري فيه حيوية ومواجهة للتحديات. وأخيرًا، في الأردن، انخفض المؤشر العام للأسهم بنسبة 1.16%، بسبب عمليات بيع لجني الأرباح، خاصة في أسهم قيادية مثل «مناجم الفوسفات»، وهي حاجة طبيعية بتحصل لما سهم يطلع كتير، فالناس بتحب تحقق مكاسب.

في الختام، اليوم المالي ده كان بمثابة مرآة تعكس حالة الأسواق العربية: ديناميكية، متأثرة بعوامل داخلية وخارجية، ولكنها مليئة بالفرص والتحديات. هل هذه الارتفاعات المتتالية في دبي وأبوظبي مؤشر على تعافٍ اقتصادي أوسع، أم أنها مجرد موجة عابرة؟ وهل التباين في أداء الأسواق العربية يعكس تباينًا في قصص النجاح الاقتصادي لكل بلد؟ سؤال مطروح بقوة للمستقبل. المؤكد هو أن المستثمر الذكي هو من يراقب هذه التحركات بعين فاحصة، ويفهم أن سوق المال ليس مجرد أرقام تتغير، بل هو نبض الاقتصادات التي تدعم حياتنا اليومية. فالقصة لم تنته بعد، وما زالت صفحاتها تُكتب يومًا بعد يوم في دفاتر البورصات حول العالم، في انتظار الفصل القادم.

Leave a Comment

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.