تخيل أنك تستثمر أموالك التي جمعتها بشق الأنفس في الأسواق المالية، تتأمل تحقيق عوائد مجزية، ثم فجأة تتلقى مكالمة أو بريدًا إلكترونيًا. الرسالة تبدو رسمية للغاية، بل وتأتي من جهة تنظيمية موثوقة، تطالبك بدفع مبلغ إضافي – رسوم، غرامات، أو حتى مستحقات تعويض – ووعد بتحرير أموالك التي ظلت معلقة. يا له من فخ! هذا بالضبط ما يحدث الآن في الساحة المالية، حيث يستغل محتالون بارعون اسم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) لاصطياد ضحايا جدد من عملاء الفوركس وعقود الفروقات (CFDs).

لقد دقّت هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية، وهي الجهة الرقابية المسؤولة عن تنظيم أسواق المال في قبرص، ناقوس الخطر مرة أخرى. فقد أصدرت الهيئة تحذيرًا عاجلاً بشأن تزايد الحالات التي يُنتحل فيها شخصيات مسؤوليها بغية الاحتيال على المستثمرين. والمشكلة إن دي مش أول مرة تحصل على فكرة، بس الواضح إن المجرمين دول بيطوروا أساليبهم كل شوية.

السيناريو المتكرر يتلخص في قيام هؤلاء المحتالين بالاتصال بالمستثمرين، سواء عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف أو حتى عبر مواقع إلكترونية مزورة، مدّعين أنهم يمثلون هيئة CySEC. تخيل حد بيتصل بيك وبيقولك أنا موظف في هيئة الرقابة المالية، صوتهم واثق وكلامهم مرتب، إزاي ممكن تشك فيهم؟ يقومون بعد ذلك بالمطالبة بمبالغ مالية تحت ذرائع واهية، مثل “رسوم تنظيمية”، أو “غرامات إدارية” فرضتها الهيئة، أو حتى “تعويضات عن خسائر مزعومة” تكبدها المستثمرون في استثمارات سابقة. الكارثة الأكبر هي وعدهم بتحرير أموال العملاء أو تعويضهم عنها بمجرد سداد هذه المبالغ المزعومة.

دعنا نكون واضحين تمامًا: هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) لا تقوم أبدًا بجمع أي رسوم مباشرة من المستثمرين الأفراد. ولا تفرض غرامات إدارية على الأفراد، بل على الكيانات المرخصة التي تخالف القوانين. والأهم من ذلك، CySEC ليست جهة تسوية تعويضات للمستثمرين أو استرجاع أموالهم. دورها الأساسي هو الإشراف على الشركات المرخصة والتأكد من التزامها بالمعايير القانونية والتنظيمية، يعني بالبلدي كده، هي مراقب مش محصّل ولا محامي للمستثمر. أي جهة تدعي عكس ذلك هي محتالة، نقطة ومن أول السطر.

المستثمرون في سوق الفوركس وعقود الفروقات، خاصة من فقدوا أموالًا في صفقات سابقة أو مع شركات غير مرخصة، غالبًا ما يكونون الهدف الأسهل لهؤلاء المخادعين. لماذا؟ لأن يأسهم ورغبتهم في استعادة ما فقدوه يجعلهم أكثر عرضة للوقوع في فخ الوعود الكاذبة. بيعملوا بالظبط زي اللي بيغرق وبيتعلق بقشاية، ومين فينا ما مرش بلحظة يأس ممكن تخلينا نصدق أي حد يوعدنا بالنجاة؟ المحتالون يدركون هذه النفسية ويستغلونها ببراعة.

وللحماية من هذه المخططات الخبيثة، قدمت CySEC جملة من النصائح والإرشادات الحيوية التي يجب على كل مستثمر أخذها على محمل الجد. أولاً، يجب التعامل بحذر شديد مع أي اتصالات غير متوقعة، خاصة تلك التي تطلب معلومات شخصية أو مالية حساسة. هل من الطبيعي أن تتلقى مكالمة من جهة تنظيمية تطلب منك تحويل أموال إلى حساب معين؟ طبعاً لأ!

ثانياً، تأكد دائمًا من صحة هوية المرسل أو المتصل. تحقق من عناوين البريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونية بعناية فائقة. غالبًا ما يستخدم المحتالون عناوين مشابهة جدًا للعناوين الرسمية، ولكن بفروق طفيفة قد لا تلاحظها للوهلة الأولى (زي مثلاً تغيير حرف واحد أو استخدام نطاق مختلف). يا جماعة، قبل ما تدوس على أي لينك أو ترد على أي إيميل، ركز كويس قوي في العنوان.

ثالثاً، لا تنقر على الروابط المشبوهة أو تقوم بتنزيل المرفقات من مصادر غير موثوقة. يمكن أن تحتوي هذه الروابط والمرفقات على برامج ضارة تهدف إلى سرقة بياناتك الشخصية والمالية. ودي من أهم النصائح في عالم الديجيتال اللي إحنا عايشين فيه دلوقتي.

رابعاً، لا تقدم أبدًا معلوماتك المصرفية، أو أرقام بطاقات الائتمان، أو كلمات المرور لأي طرف خارجي يدعي أنه يمثل CySEC أو أي جهة رسمية أخرى. الجهات الرسمية لا تطلب هذه المعلومات عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني.

أخيرًا، في حال ساورتك الشكوك حول طبيعة أي اتصال، بادر بالاتصال مباشرة بهيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية عبر قنوات الاتصال الرسمية الخاصة بهم، أو قم بزيارة موقعهم الإلكتروني الرسمي للتحقق من الأمر. وفي حال وقعت ضحية للاحتيال، سارع بتقديم بلاغ للجهات الأمنية المختصة.

في النهاية، هذه الحوادث تذكرنا بأن العالم الرقمي، على الرغم من الفرص الهائلة التي يوفرها، مليء أيضًا بالمخاطر الخفية. مسؤولية حماية أموالنا وبياناتنا تقع على عاتقنا أولاً وقبل كل شيء. اليقظة والتحقق المستمر هما درعنا الأقوى ضد هؤلاء المحتالين الذين لا يكلون ولا يملون من ابتكار أساليب جديدة. هل يمكن أن تكون مستثمرًا ناجحًا دون أن تكون مستثمرًا ذكيًا وحذرًا في آن واحد؟ الإجابة واضحة: بالطبع لا. فلنكن دائمًا خطوة للأمام.

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.