كأننا متفقين على قاعدة كده: “الصيف يعني الساحل الشمالي”. صح؟ الشواطئ الرملية، المياة الفيروزية، الأجواء المريحة… كل ده كان بيخلي الاستثمار في عقارات الساحل أشبه بضمانة أكيدة للعائد المرتفع والتمتع بقطعة من الجنة. لكن يبدو إن الصورة الوردية دي بدأت تاخد ألوان تانية خالص. فجأة، كأن فيه موجة برد غير متوقعة ضربت سوق العقارات في المنطقة دي بالذات، وبدأ خبراء التطوير العقاري يرفعوا الرايات الحمرا. يا ترى إيه اللي بيحصل؟

المهندس سامي قليني، خبير التطوير العقاري المعروف، قدم مؤخرًا تحليلًا شاملًا للسوق، ولخص الوضع بكل صراحة: موسم صيف 2025، وبناءً على المعطيات الحالية، يُتوقع أن يكون من أضعف المواسم على الإطلاق من حيث حجم المبيعات التعاقدية للعديد من الشركات. ليه؟ الأسباب كتيرة ومتشابكة، كأنها شبكة معقدة من التحديات الاقتصادية والسوقية غيرت قواعد اللعبة تمامًا.

أولًا: حرب الإعلانات الشرسة ومنافسة بلا حدود
الساحل الشمالي تحول إلى ساحة معركة حقيقية بين عمالقة التطوير العقاري، سواء المصريين أو حتى الشركات العربية اللي دخلت على الخط بقوة. المنافسة دي، اللي كانت صحية في البداية، وصلت لمرحلة الحرق. هل متخيل إن في 2024 لوحدها، تم طرح حوالي 65 مشروعًا جديدًا؟ ولما ندخل على 2025، نضيف عليهم 25 مشروعًا تانيين تم الإعلان عنهم؟ يعني بنتكلم عن 90 مشروع جديد بيتنافسوا في موسم واحد! ده غير المراحل الجديدة اللي بتنزل للمشاريع القائمة أساسًا. طبيعي مع العدد المهول ده، الحصة السوقية لكل مطور بتقل بشكل درامي، مهما كان حجمه أو سمعته. كأن كل واحد بيحاول ياخد فتات من كعكة كبيرة تم تقسيمها لقطع صغيرة جدًا.

ثانيًا: الجنيه بيتمرجح وثقة المستثمر بتنهار
مش محتاجين نقول إن الوضع الاقتصادي العام في مصر كان له تأثير مباشر على كل قطاعات السوق، والعقارات مش استثناء. التذبذب الشديد في سعر صرف الجنيه المصري قدام العملات الأجنبية، ده اللي بيسموه “تارجح” العملة، أثر سلبًا بشكل مباشر على ثقة العملاء، خصوصًا اللي بيبصوا على استثمارات طويلة الأجل زي العقار. هو أنا لما أشتري شقة بالجنيه، هل قيمتها هتفضل ثابتة ولا هتتآكل مع كل تحرك لسعر الصرف؟ سؤال بيطرح نفسه وبيرد على نفسه عند كتير من الناس، وده بيخليهم يتراجعوا.

ثالثًا: الأولويات اتغيرت… الساحل مش رفاهية أولى خلاص
مع الضغوط الاقتصادية المتزايدة على جيب المواطن المصري، الطبيعي إن الناس تبدأ تعيد ترتيب أولوياتها. زمان، ممكن كانت الشاليه في الساحل يعتبر استثمار أو حلم جميل. لكن دلوقتي، الوضع اختلف. الناس بدأت تركز على “الأساسيات”؛ شقة للسكن الدائم، أو احتياجات ضرورية أخرى. عقارات الترفيه زي الساحل الشمالي بقت في المرتبة التانية أو التالتة، إن لم تكن أبعد من كده. يعني بكل بساطة، الحياة بقت أصعب، والرفاهية ليها حسابات تانية خالص.

رابعًا: جنون الأسعار… مين يقدر يشتري؟
بعض المطورين، وبصراحة كده، فقدوا البوصلة في تسعير الوحدات. الزيادات السعرية اللي كانت بتحصل بشكل غير مدروس وغير مبرر أدت لخروج شريحة كبيرة جدًا من العملاء المستهدفين من دايرة القدرة الشرائية. لما تلاقي سعر الوحدة بيتضاعف في فترة قصيرة أوي، طب إيه اللي هيخلي الواحد يحط تحويشة عمره في حاجة ممكن متكونش بنفس القيمة اللي بيدفعها فيها؟ وده أضعف الثقة في السوق بشكل عام.

خامسًا: تشبع السوق… ما بقاش فيه مكان للإبرة!
خلال السنين اللي فاتت، كان فيه طوفان من المشاريع الجديدة اللي تم طرحها في الساحل الشمالي. كمية الوحدات المعروضة بقت ضخمة جدًا لدرجة إن السوق وصل لحالة من “التشبع النسبي”. تخيل إنك في محل مليان بضاعة من كل نوع وشكل، هل هتحس إنك محتاج تشتري حاجة فورًا؟ غالبًا لأ. التشبع ده قلل كتير من الطلب الفوري، خصوصًا على المشروعات اللي لسه “تحت الإنشاء”، والناس بقت بتفضل تشوف وتستنى وتفاضل.

والمستقبل؟ هل هو استمرار لنفس المشهد أم صحوة جديدة؟
هنا بيجي السؤال الأهم: هل سوق التطوير العقاري في الساحل الشمالي هيكمل على نفس المسار ده؟ ولا هنشوف مبادرات مبتكرة من بعض المطورين اللي عندهم رؤية أعمق، ويقدروا يحولوا التحديات دي لفرص حقيقية؟ المهندس قليني بيفكرنا إن أسواق العقارات دايمًا بتمر بمراحل تمدد وتباطؤ. الفاصل الحاسم هنا هو مدى قدرة المطورين على التكيف.

عندنا سيناريوهين محتملين:
السيناريو الأول: الاستمرار في نفس الاتجاه. لو التحديات دي، زي تكاليف التمويل المرتفعة، والتشريعات المتغيرة، وتغير طبيعة الطلب، فضلت زي ما هي من غير حلول مبتكرة، كتير من الشركات مش هتقدر توسع مشاريعها، وممكن متغامرش في أي حاجة جديدة. يعني هتفضل “ماشية جنب الحيط” على أمل إن الوضع يتحسن لوحده.

السيناريو الثاني: مفاجآت إيجابية من المطورين الأذكياء. دائمًا فيه شركات عندها “عين الصقر”، بتقدر تستغل الأزمات وتحولها لفرص ذهبية. دول اللي ممكن نشوف منهم:

  • منتجات عقارية مبتكرة: زي وحدات أصغر تناسب القدرة الشرائية الجديدة، أو أسعار مرنة، أو خطط دفع مبتكرة ومغرية.
  • شراكات استراتيجية: يقللوا بيها المخاطر، ويزودوا قدرتهم التمويلية. إيد لوحدها متسقفش، لكن لما اتنين يتفقوا، بيقدروا يعملوا المعجزات.
  • تكنولوجيا البناء الحديثة: عشان يقللوا التكاليف ويسرعوا التسليم، وده بيفرق كتير في التنافسية.
  • التركيز على مشاريع نوعية: في مناطق استراتيجية معينة، يمنحهم ميزة تنافسية ويخليهم ياخدوا حصة أكبر من السوق بدل ما يتنافسوا على كل حاجة.

في النهاية، الصورة مش أحادية. السوق مش كله هيتحرك في اتجاه واحد. فيه مطورين ممكن يتراجعوا ويخرجوا من السباق، وفيه تانيين، بالذكاء والتخطيط السليم، هيستغلوا التحديات دي عشان يصعدوا بقوة ويحجزوا لنفسهم مكانة أكبر. السؤال اللي لازم كلنا نطرحه على أنفسنا كأفراد أو مستثمرين: هل احنا جاهزين للموجة الجديدة من التغيير في ساحلنا الشمالي؟ وأين نضع استثماراتنا في هذا المشهد المتغير باستمرار؟ إنها حقًا مرحلة دقيقة تتطلب نظرة ثاقبة وفهمًا عميقًا للسوق.

Leave a Comment

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.