حسن محمود
هل تخيلت يومًا أن شركتك الناشئة، التي بدأت ربما من شغف بسيط أو فكرة مبتكرة في غرفة صغيرة، يمكن أن تجد لنفسها مكانًا تحت أضواء أضخم تجمعات التكنولوجيا في العالم؟ هذا ليس حلمًا بعيد المنال، بل هو فرصة حقيقية تتجسد الآن أمام الشركات المصرية الطموحة. ففي خطوة جديدة تؤكد التزام الدولة بدعم شبابها المبدع، أعلنت الشعبة العامة للاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا، بالتعاون الوثيق مع هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا)، عن فتح أبواب التقديم أمام شركاتنا الناشئة للمشاركة في قمة الويب العالمية “Web Summit Lisbon 2025”.
إنها ليست مجرد مشاركة عادية، بل هي بوابة ذهبية نحو العالمية، فرصة لا تقدر بثمن لتقديم الابتكارات المصرية على طبق من ذهب لأهم العقول والجهات الفاعلة في قطاع التكنولوجيا. هذا الحدث الضخم، الذي تحتضنه مدينة لشبونة البرتغالية الساحرة في الفترة من 10 إلى 13 نوفمبر 2025، ليس مجرد مؤتمر، إنه ملتقى عالمي يضم عشرات الآلاف من رواد الأعمال، المستثمرين، صناع القرار، ومسؤولي الشركات الكبرى. وبصراحة، إيه أكتر من كده فرصة عشان شركتك تشوف النور وتلاقي شريك أو مستثمر يؤمن بيها؟
لماذا الآن؟ ولماذا “Web Summit” تحديدًا؟
تأتي هذه المبادرة في صميم رؤية أوسع لدعم وتمكين الشركات التكنولوجية الناشئة المصرية، وتعزيز تواجدها في المحافل الدولية المتخصصة. الهدف واضح ومحدد: فتح أسواق جديدة أمام هذه الشركات، جذب استثمارات أجنبية حيوية، وتحقيق مستهدفات الدولة الطموحة لزيادة الصادرات الرقمية. تخيل أن منتجًا مصريًا يبدأ رحلته العالمية من لشبونة، إنه ليس مجرد بيع لخدمة أو منتج، بل هو تصدير للعقل المصري المبتكر، وتقديم قيمة مضافة لاقتصادنا القومي.
يصف أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، هذا الدعم بأنه أولوية قصوى. ويؤكد أن الشركات الصغيرة والناشئة ليست مجرد كيانات اقتصادية، بل هي “محركات أساسية للنمو الاقتصادي والتحول الرقمي”. هو شايف الصورة الأكبر، إزاي الشركات دي ممكن تغير وجه الاقتصاد. ويضيف الوكيل، بلغة تجمع بين الحماس والرؤية الاستراتيجية، أن “هذه المبادرات تعزز قدرة الشركات المصرية على جذب العملة الصعبة، والمنافسة على الساحة الدولية، وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد القومي”. هل هناك أوضح من ذلك في تحديد الأهداف؟
بدوره، يعزز المهندس خليل حسن خليل، رئيس الشعبة العامة للاقتصاد الرقمي، هذه الرؤية. يرى خليل أن “مشاركة الشركات المصرية في Web Summit 2025 تمثل فرصة استراتيجية لبناء شراكات دولية جديدة وعرض الابتكارات المصرية على منصة عالمية مرموقة”. وهو يؤكد حرص الشعبة على تقديم كامل الدعم للشركات المؤهلة لضمان مشاركة فعالة تعكس ريادة الشباب المصري. يعني من الآخر، هما مش بس بيفتحوا الباب، دول بيساعدوا اللي يدخل عشان ينجح.
معايير المشاركة: هل أنت مؤهل؟
لكن، لكل فرصة عظيمة شروطها ومعاييرها لضمان أن تكون المشاركة مثمرة وذات جودة عالية. الجناح المصري في لشبونة ليس مكانًا لأي شركة، بل هو لرواد الأعمال الذين يتمتعون برؤية واضحة ومنتج حقيقي. فما هي هذه المعايير؟
أولاً، يجب أن تمتلك الشركة “منتجًا نهائيًا جاهزًا للتسويق محليًا وعالميًا”. يعني مش مجرد فكرة على ورق، لازم يكون عندك حاجة ملموسة وشغالة. ثانيًا، “وجود سجل تجاري وبطاقة ضريبية سارية”. دي أساسيات عشان يضمنوا أن الشركة شرعية ومنظمة. ثالثًا، “توافر موقع إلكتروني نشط يعكس نشاط الشركة”. موقعك الإلكتروني هو واجهتك للعالم، لازم يكون احترافي ويعرض شغلك كويس. رابعًا، “وجود فريق عمل مؤهل ومحترف”. لأن المنتج القوي محتاج فريق قوي يدعمه. خامسًا، “ألا يتجاوز عمر الشركة 5 سنوات منذ التأسيس”. وده بيركز على الشركات الناشئة فعلًا اللي لسه في أول طريقها وعندها قابلية أكبر للنمو السريع. وأخيرًا، يتم “تفضيل الشركات التي حصلت على استثمارات سابقة”، يعني اللي قدرت تقنع مستثمرين بفكرتها قبل كده، وده بيديها ثقل وثقة أكبر. مع استبعاد “الشركات العاملة في الاستشارات أو الوكالات”، لأن التركيز هنا على الشركات اللي بتقدم منتجات وخدمات تكنولوجية مبتكرة بشكل مباشر.
تاريخ من النجاح والتوجه نحو المستقبل
تجدر الإشارة إلى أن الشعبة العامة للاقتصاد الرقمي ليست حديثة العهد بهذا الحدث العالمي. فمنذ عام 2019، تشارك الشعبة بفاعلية تحت اسم “الجناح المصري” بالتعاون مع “إيتيدا”، في إطار جهود مستمرة وراسخة لجعل مصر مركزًا إقليميًا رائدًا لريادة الأعمال والابتكار. هذه ليست مجرد مشاركة عابرة، بل هي جزء من استراتيجية طويلة الأمد. يعني الموضوع مش وليد اللحظة، فيه جهد وتخطيط مستمر.
في النهاية، هذه دعوة ليست فقط للمشاركة، بل لدعوة للتفكير في مستقبل مصر الرقمي. هل سنستغل هذه الفرص لنضع بصمتنا على خارطة التكنولوجيا العالمية؟ هل ستكون شركتك الناشئة هي القصة التالية التي تُروى عن نجاح مصري عالمي؟ هذه المنصات الدولية هي محركات قوية للنمو الاقتصادي، ونافذة حقيقية للتعرف على أحدث الاتجاهات العالمية، وبناء شراكات استراتيجية يمكن أن تغير مسار الشركات. لذا، إذا كنت ترى في شركتك هذه الروح الابتكارية وهذا الطموح، فبادر بالتقديم. فالفرصة لا تنتظر أحدًا، ومستقبل الاقتصاد الرقمي في مصر يعتمد على هذه الشجاعة وهذا الإقدام. هي دي اللحظة اللي ممكن تحول فيها حلمك لحقيقة، وتخلي اسمك واسم بلدك منورين في أهم محفل تكنولوجي في العالم.
