الإمارات ترسم خريطة المستقبل: شبابها وقودًا لعاصمة ريادة الأعمال العالمية
في عالم يتسارع فيه نبض التكنولوجيا وتتغير ملامح الاقتصادات بوتيرة جنونية، لا يبقى للانتظار مكان. فإما أن تكون صانعًا للمستقبل، أو تصبح جزءًا من تاريخه. ومن هذا المنطلق، لم تكتفِ دولة الإمارات العربية المتحدة باللحاق بالركب، بل قررت أن تقود دفته، وأن ترسم خطوطًا جديدة في خريطة الابتكار العالمي، لتعلن عن رؤية طموحة تجعل من شبابها وقودًا لمرحلة استثنائية من التطور والازدهار.
مؤخرًا، أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مبادرة وطنية ضخمة تحت عنوان يلامس الطموح والسقف العالي: “الإمارات عاصمة ريادة الأعمال في العالم”. مجرد الاسم لوحده يخلي الواحد يفكر: يا ترى إيه اللي مستخبي ورا الاسم ده؟ والحقيقة إن المبادرة دي مش مجرد شعار براق، بل هي خطة عمل متكاملة المعالم، مصممة بدقة وعناية لتحويل هذه الرؤية الجريئة إلى واقع ملموس، وليستقر اسم الإمارات كمركز عالمي لكل شاب أو شابة عندها فكرة ريادية وتطمح لتحويلها إلى كيان قائم بذاته.
الهدف الجوهري لهذه الحملة، والتي تبرز أهميتها بحجم المشاركة فيها من قبل أكثر من 50 جهة من القطاعين العام والخاص – ودي حاجة مش سهلة أبدًا لأنها تتطلب تنسيقًا وجهدًا كبيرين – هو تمكين الشباب الإماراتي. تخيل كده، شبابنا دول هم ثروة المستقبل الحقيقية، وهم من سيحمل الراية ويقود قاطرة التقدم. فلما نديهم الأدوات والفرص الصح، ونوفر لهم الدعم اللازم، إيه اللي ممكن يحققوه؟ ببساطة يعني، المبادرة دي بتفتح أبوابًا اقتصادية واعدة قدامهم، وتوفر لهم بيئة خصبة للإبداع والنمو، هي فرصة لا تقدر بثمن عشان الجيل ده يبني مستقبله بنفسه، وكمان يبني مستقبل بلده ويرسخ مكانتها الريادية عالميًا.
لكن الكلام الحلو ده لازم يكون وراه خطوات عملية ومحددة، صح؟ وده بالظبط اللي بتعمله الحملة. هي بتستهدف تدريب واحتضان 10 آلاف رائد أعمال من أبناء الإمارات. ومش أي تدريب وخلاص، لأ، ده برنامج مكثف ومصمم بعناية فائقة لتزويدهم بالخبرات والمهارات الحيوية التي يحتاجونها لإطلاق مشاريعهم الخاصة؛ من أول شرارة الفكرة مرورًا بمراحل التخطيط والتنفيذ، وصولاً إلى أن يرى المشروع النور ويقف على قدميه بقوة واستمرارية. دي استثمارات في البشر، يا جماعة، وهي أحسن استثمار على الإطلاق لأنها تضمن عائدًا مستدامًا على المدى الطويل.
القصة لا تتوقف عند الأرقام الطموحة فقط. هناك هدف أعمق للمبادرة وهو ترسيخ الوعي المجتمعي بأهمية ريادة الأعمال كمسار أساسي للمساهمة في التنمية الاقتصادية الشاملة للبلاد. يعني إيه الكلام ده؟ يعني نخلي الناس كلها، من الصغير للكبير، تفهم إن ريادة الأعمال دي مش رفاهية أو مجرد مغامرة لأصحاب الجرأة، لأ دي ثقافة، ونمط تفكير، ومسار وظيفي واقتصادي له قيمة محورية في بناء اقتصاد مستدام ومتنوع. زي ما بيقولوا كده، خلي عندك روح ريادية، هتفيد نفسك وتفيد بلدك، وتشارك في رسم مستقبل أكثر ازدهارًا.
والأهم من كده، الحملة دي مش بتبدأ من الصفر، أو في فراغ. بالعكس، دي خطوة استراتيجية مدروسة تستفيد من بنية تحتية موجودة وقوية تم بناؤها على مدار سنوات طويلة. تخيلوا إن الإمارات فيها أكتر من 50 حاضنة أعمال! ده مش رقم قليل أبدًا، دي شبكة دعم متكاملة لأي فكرة جديدة، توفر التوجيه والموارد اللازمة. الشيخ محمد بن راشد كمان أكد على الدور الحيوي واللا غنى عنه للشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تعتبر، بحق، العمود الفقري للاقتصاد الإماراتي. هذه الشركات تساهم بأكثر من 63% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي. وده رقم ضخم يورينا قد إيه القطاع ده مهم وحيوي لديناميكية الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل. ليس هذا فحسب، بل إن الإمارات تتصدر 56 اقتصادًا عالميًا في توفير بيئة أعمال داعمة ومحفزة لهذه الشركات. يعني الموضوع مش مجرد كلام، لأ، ده مبني على أسس قوية ونجاحات سابقة وموقع ريادي عالمي.
الشيخ محمد بن راشد ما اكتفاش بإطلاق الحملة بس، ده كمان أكد إن فيه مبادرات تانية كتير هتظهر قريبًا، وده بيدل إن فيه رؤية متكاملة للمستقبل، خطة عمل متتابعة ومتنامية. ودعا كل الجهات والمؤسسات للمشاركة بفعالية وبشكل مسؤول، لأن تحقيق الأهداف الكبيرة دي لا يمكن أن يتم بجهود فردية. ده مش مشروع حكومي وبس، ده مشروع أمة، الكل لازم يكون جزء منه، لأن كل فرد، وكل شركة، وكل مؤسسة ليها دور جوهري في إنجاح المبادرة دي، وفي تحقيق حلم الإمارات في أن تكون منارة عالمية للابتكار وريادة الأعمال.
في النهاية، هذه الحملة ليست مجرد برنامج اقتصادي؛ إنها استثمار في روح الشباب، في طموحهم الذي لا يعرف المستحيل ولا يقف عند حدود. إنها رسالة واضحة للعالم بأن الإمارات لا تسعى فقط للثراء المادي، بل تسعى لخلق بيئة تكون فيها الأفكار الخلاقة هي العملة الحقيقية، والابتكار هو المحرك الأساسي للتقدم والازدهار. هل سنرى قريبًا خريجي الجامعات يفضلون إطلاق شركاتهم الخاصة بدلاً من البحث عن وظيفة تقليدية؟ هل ستصبح الإمارات بالفعل النموذج الذي يحتذى به في رعاية ودعم رواد الأعمال من جميع أنحاء العالم؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة، ولكن المؤكد أن البذور قد زُرعت، والطريق قد رُسم بوضوح، والمستقبل يبدو أكثر إشراقًا وواعدًا بفضل هذه الروح الريادية المتأصلة.