في عالم يتغير بسرعة، حيث تؤثر القرارات المالية الكبرى على حياة الملايين، يبقى الذهب هو العلامة الثابتة في معادلة الاستثمار. بالفعل، يوم الاثنين، شوهدت أسعار الذهب وهي تستقر بينما ينتظر المستثمرون بترقب قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن معدلات الفائدة. هذا الانتظار جاء وسط قلق من جني الأرباح وارتفاع قيمة الدولار الأميركي، وهو ما جعل للمشهد طابعًا مميزًا.
على الساعة 03:49 بتوقيت غرينتش، استقر سعر الذهب الفوري عند 3644.98 دولار للأوقية، بعد أن حقق ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 1.6% في الأسبوع السابق، حيث وصل إلى قمة جديدة بلغت 3673.95 دولار يوم الثلاثاء. رغم هذا الأداء القوي، انخفضت العقود الآجلة للذهب الأميركي تسليم ديسمبر (كانون الأول) بنسبة طفيفة تبلغ 0.1% إلى 3682.62 دولار.
لم تكن الصورة الوردية التي يظهر بها الذهب هي السائدة فقط، بل كان هناك أيضًا من يتحدث عن وجهة نظر أكثر تفاؤلًا. تيم ووترر، كبير محللي السوق في شركة “كيه.سي.إم ترايد”، أشار إلى أن التوقعات لا تزال إيجابية، لكنه حذر من أن فترة من الاستقرار أو تراجع طفيف قد تكون مفيدة في تحقيق أهداف أعلى للذهب مستقبلاً.
وفي مشهد متصل، ارتفع مؤشر الدولار الأميركي بنسبة 0.1%. هذه الحركة جعلت السبائك الذهبية المقومة بالدولار أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الدوليين، مما قد يساهم في تقويض بعض الزخم الإيجابي الذي اكتسبه الذهب في الأسابيع الأخيرة.
على الجانب الاقتصادي، جاءت بيانات التضخم الأميركية لشهر أغسطس (آب) أعلى بقليل من التوقعات. ومع ذلك، يبقى المستثمرون على إيمان أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيبادر بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية خلال اجتماع الأربعاء. ولكن، مثلما أشار ووترر مرة أخرى، ربما يكون الخطر هنا هو عدم وضوح الاحتياطي الفيدرالي بشأن سياسة تخفيض أسعار الفائدة المستقبلية.
هذا التحليل لا يقتصر على الأرقام فقط. فهناك جوانب نفسية تلعب دورًا كبيرًا في تحركات الأسواق. فطبيعة السبائك غير المدرَّة للعائد تجعلها مثالية للعديد من المستثمرين خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي، حيث يسعون لتوجيه أموالهم نحو ملاذات آمنة. وهنا يظهر الذهب في صورة المنقذ، بمظهره اللامع وتقلباته المستمرة.
في سياق أكثر تعقيدًا، يشهد اجتماع الاحتياطي الفيدرالي تحديات متزايدة. فهناك نزاع قانوني مثير حول قيادة البنك المركزي، بالإضافة إلى الضغوط التي يمارسها الرئيس ترامب للتأثير على سياسة أسعار الفائدة. بالتأكيد، هذه الأحداث لا تمر بلا أثر على الأسواق، حيث تتفاعل توقعات التجار والمستثمرين بشكل متلاحم معها.
بالإضافة إلى ذلك، أشار تقرير شركة “غولدمان ساكس” إلى وجود توقعات لصعود سعر الذهب إلى 4000 دولار للأونصة بحلول منتصف عام 2026، لكن مع تحذيرات بشأن المخاطر المحتملة والتي قد تعرقل تلك التوقعات. وقد لوحظ أن بعض المضاربين خفضوا صافي مراكزهم الطويلة بمقدار 2445 عقدًا، مما يعتبره البعض علامة على تصحيح محتمل.
وفي تجربة متنوعة من أسواق المعادن الثمينة، شهدت الفضة ارتفاعًا بنسبة 0.3% لتصل إلى 42.29 دولار للأونصة، بينما ارتفعت أسعار البلاتين بنسبة 0.9% لتصل إلى 1403.77 دولار، في حين زادت أسعار البلاديوم بنسبة 0.2% لتسجل 1199.35 دولار.
في النهاية، تظل الأسئلة مطروحة: ماذا ينتظر المستثمرون في الأيام القادمة؟ هل ستسهم القرارات المقرر اتخاذها في تعزيز قيمة الذهب، أم ستستمر التقلبات في الصورة العامة؟ يبدو أن الجميع يتأهب لردود الفعل على تحركات الاحتياطي الفيدرالي، وما أظهرته من احتمالات للتوجهات المستقبلية. قد يكون الجو مشحونًا بالتوتر والقلق، لكن في عالم الاقتصاد، تبقى الفرص تنتظر من يراها أولًا.