خاص

عملات مشفرة بتكوين أميركا العملات المشفرة الأميركية الولايات

عملات مشفرة بتكوين أميركا العملات المشفرة الأميركية الولايات

مع تصاعد حدة الجدل حول مستقبل النظام المالي العالمي، وبروز تساؤلات بشأن الدور المهيمن للدولار كعملة احتياط رئيسية، تتصاعد المخاوف حيال القدرة على تحمل الديون الأمريكية المتزايدة واستدامة السياسات المالية في واشنطن.

في هذا السياق، تتبادل الأطراف الدولية مواقف متباينة، تعكس صراعاً محتدماً على أدوات النفوذ الاقتصادي، من الذهب والعملات المشفرة إلى القوانين التنظيمية الناشئة. هذه القضايا تتحول إلى ساحة للنقاشات السياسية والاقتصادية، حيث تتداخل الحقائق بالتحليلات، وغالباً ما تختلط بالدعاية.

هذا الجدل يسلط الضوء على التنافس المتزايد بين القوى العظمى لتشكيل قواعد اللعبة المالية في القرن الحادي والعشرين، مما يؤثر على استقرار الأسواق العالمية وثقة المستثمرين، ومستقبل هيمنة الدولار ومكانة الولايات المتحدة في النظام الاقتصادي العالمي.

روسيا تتهم واشنطن بالتأثير على سوق الذهب والعملات المشفرة

**اتهامات روسية: هل تسعى واشنطن لإعادة رسم خريطة النظام المالي العالمي؟**

وسط هذه التوترات، يبرز تصريح لمستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنطون كوبياكوف، يتهم فيه الولايات المتحدة بالتخطيط للتخلص من ديونها السيادية الهائلة، التي تتجاوز 35 تريليون دولار، من خلال استغلال أسواق الذهب والعملات المشفرة.

ويرى كوبياكوف أن واشنطن تسعى إلى “إعادة صياغة قواعد” هذه الأسواق، وتقديمها كبدائل للنظام النقدي الدولي التقليدي، وهو ما صرح به خلال منتدى اقتصادي عقد مؤخراً في مدينة فلاديفوستوك الروسية.

  • دين الولايات المتحدة الوطني يتجاوز 35 تريليون دولار، وهو الأكبر على مستوى العالم. هذا الرقم يمثل مجموع الديون المستحقة على الحكومة الفيدرالية تجاه الدائنين، بما في ذلك الحكومات الأجنبية والمستثمرين والمواطنين من خلال سندات الخزانة.
  • يعود تراكم هذا الدين إلى عقود من العجز في الميزانية، وبرامج التحفيز الاقتصادي الواسعة، والإنفاق العسكري، والالتزامات الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، بحسب تقرير “إيكونوميكس تايمز”.

في تصريح حديث نشره على حسابه في منصة “إكس”، أكد كوبياكوف أن “الولايات المتحدة تحاول الآن إعادة تشكيل قواعد أسواق الذهب والعملات المشفرة.. تذكروا حجم ديونها، 35 تريليون دولار.. هذان القطاعان يمثلان بديلين أساسيين للنظام النقدي العالمي التقليدي”.

كما زعم أن “الإجراءات التي تتخذها واشنطن في هذا المجال تبرز بوضوح أحد أهدافها الرئيسية، وهو معالجة تراجع الثقة بالدولار بشكل عاجل”.

**تحليل الخبراء: بين الواقع والتكهنات**

يوضح خبير أسواق المال، محمد سعيد، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الجدل الحالي انطلق من مزاعم روسية تفيد بأن واشنطن تفكر في إعادة صياغة قواعد اللعبة المالية، من خلال استخدام الذهب والعملات المشفرة كبدائل للنظام التقليدي، بهدف معالجة تراجع الثقة في الدولار وتخفيف عبء الدين الوطني الأمريكي الضخم، لكنه يؤكد أن الصورة أكثر تعقيداً من ذلك.

ويشير إلى أن السياسة الأمريكية الرسمية تسير في اتجاه معاكس تماماً لهذه الادعاءات، خاصة في ملف العملات المشفرة، حيث لا تسعى واشنطن لإضعاف الدولار بل لتعزيز هيمنته باستخدام الأدوات الجديدة. ويضيف أن قوانين مثل STABLE وGENIUS تهدف في الأساس إلى ربط العملات الرقمية المستقرة بالدولار الأمريكي، مما يجبر مصدري هذه العملات على شراء سندات الخزانة الأمريكية كغطاء، وهو ما يزيد الطلب على الدولار وعلى الديون الأمريكية ذاتها ويعزز مكانته كعملة احتياط عالمية.

ويرى أن فكرة تحويل الديون الأمريكية إلى عملات مشفرة لتخفيض قيمتها تبدو بعيدة تماماً عن الواقع الحالي، بل وتخالف التشريعات الجاري العمل عليها.

أما بشأن الذهب، فيشير سعيد إلى أن الولايات المتحدة تمتلك احتياطيات ضخمة قيمتها الدفترية المسجلة قديمة تتجاوزها قيمتها السوقية الفعلية اليوم. وهنا تبرز نظرية اقتصادية تقول إن مجرد إعادة تقييم سعر الذهب رسمياً قد يخلق أصلاً ضخماً في الميزانية الأمريكية يساعد محاسبياً على تخفيف شكل الدين العام، إلا أن هذه الفكرة لم تتحول إلى سياسة حكومية معلنة وتطبيقها يتطلب تعديلات تشريعية معقدة.

نديم السبع: عملات الميمز والـAltcoins مصيرها الخروج من السوق

ويؤكد سعيد أن قدرة الولايات المتحدة على التلاعب المباشر بأسواق الذهب والعملات المشفرة محدودة، نظراً لضخامة وتعقيد هذه الأسواق العالمية، لكن التأثير غير المباشر ممكن من خلال أدوات السياسة النقدية والمالية القوية وعلى رأسها قرارات الفيدرالي الأمريكي.

ويختتم خبير أسواق المال حديثه بالإشارة إلى أن القضية جزء من صراع أوسع حول شكل النظام المالي العالمي، حيث تمتلك الولايات المتحدة دوافع قوية لاستخدام كل الأدوات المتاحة، سواء العملات المشفرة المنظمة أو احتياطياتها من الذهب، لإدارة ديونها والحفاظ على هيمنتها الاقتصادية، مشيراً إلى أن المزاعم الروسية تعكس حالة القلق العالمي من هذه التحولات وإمكانية تأثيرها على الاستقرار المالي العالمي ككل.

**آراء متباينة حول النوايا الأمريكية**

تعكس تصريحات كوبياكوف قلقاً متزايداً من أن الولايات المتحدة تخطط لتحويل جزء من ديونها السيادية إلى عملات مستقرة، مما قد يؤدي إلى خفض قيمتها والبدء من جديد. ويحذر من أن هذه الاستراتيجية قد يكون لها تداعيات كبيرة على الاستقرار المالي العالمي.

وتضاف هذه التصريحات إلى النقاشات المستمرة حول الدور المحتمل للعملات الرقمية في إعادة تشكيل الأنظمة المالية العالمية. بينما لا يزال النهج الذي تتبعه الحكومة الأمريكية تجاه العملات المشفرة وتأثيره على هيمنة الدولار موضع تدقيق دولي.

**صعوبة التلاعب المباشر بالأسواق**

من جانبه، يؤكد جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، على أن:

  • الولايات المتحدة تعد أكبر حامل للذهب في العالم بحوالي 8,800 طن، والمسجل في دفاترها بسعر 42 دولاراً للأونصة، في حين أن السعر الفعلي اليوم بحدود 3,600 دولار.
  • هذا يعني أن قيمة الذهب قد تصل إلى تريليونات الدولارات، لكن عملياً لا يمكن استخدام هذا الذهب لسد الفجوة في الديون الأمريكية.

ويعتبر أن الحديث عن “التلاعب” بالأسواق قد يكون مطروحاً نظرياً، لكن واقعياً لا تملك الولايات المتحدة القدرة على ذلك، خاصة أن الأسواق العالمية تخضع لقدر من الشفافية والرقابة من قبل هيئات تنظيمية.

كما يشير إلى أن الولايات المتحدة، خلال عهد الرئيس ترامب، كونت احتياطياً استراتيجياً من العملات المشفرة وعلى رأسها البيتكوين، تماماً كما فعلت مع الذهب والنفط. إلا أن محدودية العرض في هذه الأصول، إضافة إلى تقلباتها الكبيرة، لا يمنحها القدرة على التحكم بالأسواق. فضلاً عن أن العملات المشفرة باتت تخضع لإشراف قانوني داخل أمريكا.

ويضيف أن تكتلات مثل مجموعة بريكس ومنظمة شنغهاي تحاول اليوم البحث عن بدائل للنظام المالي الأحادي القائم على الدولار، وهو ما يعكس بداية تحول تنافسي في النظام العالمي.

**لا دليل ملموس على التلاعب**

في المقابل، يرى طلال طباع، الشريك المؤسس في كوين مينا، أنه بعد فك ارتباط الدولار بالذهب أصبح من المرجح حدوث تغييرات جذرية في السياسات المالية. ويضيف أنه لم ير أي دليل ملموس على أن أمريكا تتلاعب بسوق العملات المشفرة للتخلص من ديونها، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تمتلك القدرة على طباعة المزيد من الدولار لسد عجز الموازنة وخفض قيمة العملة.

طباع: لا دليل على تلاعب أميركا بالعملات المشفرة

**مستقبل الدين الأمريكي**

وفقاً لتقرير مكتب الميزانية بالكونغرس الصادر في يناير، تبلغ نسبة الدين الأمريكي إلى الناتج المحلي الإجمالي حوالي 100 بالمئة، ومن المتوقع أن تصل إلى 118 بالمئة خلال السنوات العشر القادمة.

هذا المستوى من الدين ليس غير مسبوق، فقد شهدت الولايات المتحدة مستويات مماثلة عقب الحرب العالمية الثانية. لكن ما يجعل وضع الدين الأمريكي الحالي مثيراً للقلق بشكل خاص هو أنه ليس نتيجة حرب، إذ تشير جميع التوقعات تقريباً إلى استمرار نمو الدين.

ويشير تقرير لـ Thedailyeconomy إلى أنه “يؤمل أن توسع العملات المستقرة نطاق الوصول العالمي إلى الدولار.. وسيستثمر المصدرون بعد ذلك جزءًا من هذه الدولارات في ديون الحكومة الأمريكية.. وبما أن حاملي هذه العملات المستقرة لم يكونوا يمتلكون سابقًا دولارات أو أصولاً مقومة بالدولار، فإن السياسة الجديدة قد تزيد الطلب على ديون الحكومة الأمريكية بشكل كبير وتبقى تكاليف الاقتراض منخفضة”.

ويعتبر أن قانون “جينيوس” قد يبدو إطاراً تنظيمياً استشرافياً لتكنولوجيا جديدة – وهو كذلك بالفعل، ولكنه أيضاً خطوة واضحة نحو شكل حديث من أشكال القمع المالي، وهو ما يبدو أنه الاستراتيجية المفضلة لدى الحكومة لإدارة ديونها التي تتزايد صعوبة تحملها.

**الدعاية السياسية في قلب الاتهامات**

يختتم الدكتور رامي القليوبي، الأستاذ بكلية موسكو العليا للاقتصاد، حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” بالإشارة إلى أن الاتهامات الروسية تحمل في طياتها جانباً من الدعاية السياسية، إذ من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية أن يبقى الدولار هو العملة المهيمنة عالمياً.

ويضيف: “إن القوة الأميركية تنبع من كونها تجمع بين الموقع الاقتصادي الأول عالمياً، والقدرة العسكرية الأقوى، وبالتالي ليس من مصلحتها أن يتعرض وضع الدولار لأي اهتزاز أو تشكيك في مكانته”.

البتكوين .. نزيف حاد ينهي رحلة صعود تاريخية

Leave a Comment

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.