انتعاش مفاجئ في أسهم العقارات الصينية بهونج كونج: هل هي بداية فصل جديد أم مجرد فقاعة؟
هونج كونج: شهدت أسهم شركات التطوير العقاري الصينية المدرجة في بورصة هونج كونج ارتفاعًا ملحوظًا، مدفوعة بتفاؤل حذر حيال إمكانية تخفيف القيود المفروضة على القطاع العقاري المثقل بالأعباء. قادت شركة “كانتري جاردن” موجة الصعود، مسجلة مكاسب كبيرة إلى جانب شركات أخرى مثل “شيماو جروب هولدينجز”، مما أثار تساؤلات حول مستقبل القطاع وإمكانية تعافيه من الأزمة التي تعصف به.
سجل مؤشر أسهم شركات التطوير العقاري ارتفاعاً بنسبة 5.1%، وهو أكبر مكسب يومي منذ حوالي شهرين، مما يعكس شعوراً متزايداً بالترقب الحذر في السوق. تصدرت “كانتري جاردن” و “شيماو جروب هولدينجز” قائمة الشركات الرابحة، حيث قفزت أسهمهما بأكثر من 30%، في انعكاس لآمال المستثمرين المعلقة على تحسن الأوضاع في القطاع.
يأتي هذا الارتفاع عقب سلسلة من الإعلانات التي تشير إلى تخفيف محتمل للقيود على شراء المنازل في المدن الكبرى. فقد انضمت شنتشن إلى بكين وشنغهاي في اتخاذ خطوات لتخفيف القيود المفروضة على شراء المنازل، وذلك في محاولة لمعالجة أزمة العقارات المتفاقمة. ورغم عدم ظهور محفزات جديدة بشكل فوري، استمر الزخم الإيجابي حتى يوم الثلاثاء، مما يشير إلى ثقة متزايدة في قدرة الحكومة على احتواء الأزمة.
وفي هذا السياق، صرح جيسون تشان، كبير استراتيجيي الاستثمار في بنك شرق آسيا في هونج كونج، قائلاً: “بعد تخفيف القيود على شراء المنازل وتخفيف قروض الرهن العقاري في ثلاث مدن من الدرجة الأولى، تتكهن السوق بأن هذا من شأنه أن يعزز مبيعات المنازل الجديدة في هذه المدن في الأشهر المقبلة”. وأضاف أن هذا التخفيف قد يكون له تأثير إيجابي على معنويات المستهلكين ويشجعهم على الاستثمار في العقارات.
بالإضافة إلى ذلك، أشار تشان إلى أن الحكومة تتطلع أيضاً إلى تسريع العمل في المناطق الحضرية، وهو ما قد يساعد في حل أي تراكمات عقارية وتخفيف الضغط على المطورين. ويعتبر تسريع العمل في المناطق الحضرية بمثابة إشارة إيجابية أخرى للمستثمرين، حيث يشير إلى التزام الحكومة بدعم القطاع العقاري وتوفير بيئة مواتية للاستثمار.
وفي سياق متصل، لفت جيف تشانغ، المحلل في شركة مورنينج ستار، إلى اتفاقيات الدائنين الأخيرة التي أبرمتها شركة كانتري جاردن، معتبراً إياها خطوة إيجابية نحو تخفيف الضغوط المالية على الشركة. ومع ذلك، حذر تشانغ من إسناد تحركات الأسهم بشكل مباشر إلى هذه التطورات، معتبراً ذلك “مجرد تكهنات”.
تجدر الإشارة إلى أن أسهم العقارات قد تراجعت بشكل ملحوظ خلال معظم العام، حيث انخفضت بنحو 11% حتى الآن في عام 2024، وذلك بسبب المخاوف المتعلقة بأزمة العقارات التي تثقل كاهل ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وحتى بعد احتساب مكاسب يوم الثلاثاء، انخفضت أسهم شيماو بنسبة 63% هذا العام، بينما تراجعت أسهم شركة قوانغتشو آر آند إف بروبرتيز بنحو 46%.
وعلى الرغم من الانتعاش الأخير، لا يزال المستثمرون حذرين بشأن مستقبل القطاع العقاري في الصين. فالأزمة لا تزال مستمرة، وهناك العديد من التحديات التي تواجه المطورين، بما في ذلك ارتفاع الديون وتراجع المبيعات. ومع ذلك، فإن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتخفيف القيود المفروضة على شراء المنازل قد أعطت أملاً جديداً للمستثمرين، وقد تكون بداية فصل جديد في قصة القطاع العقاري الصيني.
يبقى السؤال المطروح: هل هذا الانتعاش المفاجئ في أسهم العقارات الصينية في هونج كونج هو بداية فصل جديد في قصة القطاع، أم مجرد فقاعة ستنفجر قريباً؟ الإجابة على هذا السؤال ستتضح في الأشهر المقبلة، حيث ستراقب الأسواق عن كثب تطورات الوضع الاقتصادي في الصين وتأثيرها على القطاع العقاري.