في عالم تتسارع فيه وتيرة الأحداث الاقتصادية وتتشابك المصالح، تبرز بعض الشراكات كمنارات للاستقرار والنمو المستدام. تخيّل معي المشهد: قاعة اجتماعات عامرة في قلب أبوظبي، حيث تتلاقى الرؤى وتُرسَم خرائط المستقبل. هذا بالضبط ما شهدته أروقة وزارة الاقتصاد والسياحة مؤخرًا، عندما استقبل معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد والسياحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وفدًا رفيع المستوى من جمهورية كوريا الجنوبية الصديقة. لم يكن هذا مجرد اجتماع بروتوكولي، بل كان تأكيدًا عميقًا على علاقات اقتصادية متطورة، تتجاوز حدود الجغرافيا لترسم مسارًا جديدًا للتعاون الثنائي.
الوزير المري، بكلمات واثقة تعكس حجم التفاؤل والرؤية، شدد على أن الروابط بين البلدين ليست وليدة الصدفة، بل هي ثمرة دعم ورؤية استشرافية من القيادتين الرشيدتين. يعني ببساطة كده، المشوار ده مش جديد، ده مبني على أساس قوي ورؤية مستقبلية واضحة للطرفين. الهدف الأساسي من كل ده؟ الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستويات غير مسبوقة من الازدهار والنمو، بما يخدم المصالح المشتركة ويدعم النمو الاقتصادي المستدام لكلا البلدين.
الوفد الكوري، الذي ترأسه جين سيك يون، رئيس مجلس إدارة جمعية التجارة الدولية الكورية (KITA)، لم يكن وفدًا عاديًا، بل كان يمثل قوة اقتصادية وتكنولوجية ضخمة. ضم الوفد ممثلين عن 25 شركة كورية عملاقة، تعمل في طيف واسع من المجالات الحيوية، من التكنولوجيا المتطورة والرعاية الصحية الحديثة، مرورًا بقطاع الطاقة المتجددة، وصولًا إلى الاستثمار والذكاء الاصطناعي وقطاع المركبات الكهربائية الذي يشهد نموًا هائلًا. يعني بصراحة، كانوا جايبين معاهم المستقبل كله، من أول الروبوتات لحد العربيات اللي بتمشي بالكهرباء. هذا التنوع اللافت يعكس مدى عمق الاهتمام الكوري بالسوق الإماراتية، ويعزز مكانة الإمارات كمركز جذب للاستثمارات النوعية.
خلال اللقاء، لم تكن الكلمات وحدها هي من تحدثت عن قوة العلاقة، بل الأرقام أيضًا. كشف معالي الوزير عن أن السوق الإماراتية تحتضن حاليًا ما يقرب من 1300 شركة كورية، وهو رقم ليس بالهيّن، ويحمل دلالات قوية على الثقة المتبادلة. المثير للاهتمام أن هذا العدد يمثل زيادة تزيد عن 16% مقارنة بنهاية شهر أغسطس من العام 2024. هل تتخيل حجم هذه الزيادة في فترة وجيزة؟ ده مش مجرد أرقام، ده بيحكي قصة نجاح حقيقية لشركات وجدت في الإمارات بيئة خصبة للنمو والابتكار. الشركات دي منتشرة في أنشطة اقتصادية متنوعة، مما يساهم في تنويع الاقتصاد الإماراتي ويخلق فرص عمل جديدة.
وبعيدًا عن الأرقام الاقتصادية البحتة، هناك جانب آخر يضيء العلاقات الثنائية: السياحة. من منا لا يحب السفر واكتشاف ثقافات جديدة؟ الإمارات، بفضل بنيتها التحتية العالمية ومناطق الجذب المتنوعة، أصبحت وجهة مفضلة للكثيرين. وقد وصل عدد السياح الكوريين القادمين إلى الإمارات قرابة 57 ألف سائح خلال العام 2024 وحده، مسجلين نسبة نمو مذهلة بلغت 41.5% مقارنة بالعام الذي سبقه 2023. يعني بصراحة، واضح إن الإمارات عاملة شغل كبير في الجذب السياحي، وسمعتها وصلت لحد كوريا والناس بتيجي تستمتع بالجمال والخدمات. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي شهادة على التبادل الثقافي والإنساني الذي يعزز الروابط بين الشعبين.
معالي الوزير لم يكتفِ بعرض الإنجازات، بل استعرض كذلك الحوافز والمقومات الفريدة التي تتمتع بها بيئة الأعمال في الدولة. فما الذي يجعل الإمارات وجهة استثمارية بهذا القدر من الجاذبية؟ هل هي البنية التحتية المتطورة؟ أم القوانين المرنة؟ أم الموقع الجغرافي الاستراتيجي؟ في الحقيقة، هي مزيج من كل هذا وأكثر. فالإمارات توفر بيئة استثمارية متقدمة، تتميز بالاستقرار التشريعي، والبنية التحتية اللوجستية عالمية المستوى، وسهولة ممارسة الأعمال، بالإضافة إلى الكفاءات البشرية المتنوعة. كل هذه العوامل تعمل معًا كلوحة متكاملة تجذب الشركات العالمية وتدفعها نحو التوسع والاستثمار.
في الختام، يمثل هذا الاجتماع وما خرج به من تأكيدات وأرقام، خطوة جديدة ومحورية في مسيرة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وكوريا الجنوبية. إنه نموذج لشراكة ترتكز على رؤية مشتركة للمستقبل، حيث لا تقتصر الطموحات على تحقيق مكاسب آنية، بل تمتد لتشمل بناء أسس متينة لنمو مستدام ومتبادل المنفعة. ما نشهده اليوم ليس مجرد صفقات تجارية، بل هو بناء جسور من الثقة والابتكار، ستعود بالنفع على الأجيال القادمة. فهل نحن مستعدون لمشاهدة المزيد من فصول هذه الشراكة المتنامية التي لا تعرف حدودًا للتقدم والازدهار؟ المؤشرات كلها بتقول إن اللي جاي أحلى وأقوى، وأن العلاقة دي هتفضل تنمو وتتطور، وهتكون مثال يحتذى به في التعاون الدولي.