في عالمٍ اقتصادي يتغير بسرعة تفوق إدراك البشر، لا مكان للثبات أو الرتابة. فحتى عمالقة التكنولوجيا لا يُستثنون من سنّة التغيير القاسي. والابتكار وحده هو ما يمنح الشركات تذكرة البقاء. لكن، ماذا يحدث حين يترنح عملاق مثل «إنتل»؟ هل يتكرر سيناريو «نوكيا»، الشركة التي كانت في يوم من الأيام مرادفًا للهاتف المحمول ثم انهارت على حين غرة؟
وبين عامي 2007 و2013، فقدت نوكيا تقريبًا كل شيء، تجاهلت اتجاه الهواتف الذكية ذات الشاشات اللمسية، ولم تدرك أهمية التطبيقات الخارجية في جذب المستخدمين، وهو ما جعلها تسقط سقوطًا مدويًا، رغم اعتقاد الكثيرين حينها أنها “أكبر من أن تفشل”.
ورغم استمرار اسم نوكيا في السوق عبر أجهزة محدودة تعمل بنظام أندرويد، إلا أنها لم تستعد أبدًا هيبتها أو موقعها السابق، وباتت مجرد تذكير مرير بأن الغطرسة والجمود قد يطيحان بأي كيان، مهما بلغ حجمه.
ويحذر المحلل التقني سيدني باتلر من أن إنتل لم تتعلم من إخفاقاتها السابقة، بل باتت تسير بحذر مفرط، تحاول تجنب الأخطاء من خلال تجنب المخاطرة كليًا. وهو ما يعتبره باتلر «الخطأ الأكبر» في مسيرتها.
الضربة الأقسى
وتواجه الآن خطر خسارة عملائها في سوق الحواسيب الشخصية أيضًا، إذ بدأت مايكروسوفت التعاون مع شركة «كوالكوم» لإنتاج معالجات بنية «آرم» للحواسيب المحمولة، وإذا ما تمكنت كوالكوم من تحسين أدائها لتضاهي معالجات أبل، فقد تتخلى شركات الحواسيب الأخرى عن إنتل، خاصة أن معالجات آرم تستهلك طاقة أقل وتنتج حرارة أقل، ما يقلل الحاجة لتقنيات تبريد مكلفة، إلا أن ذلك الانتقال سيؤدي لكثير من الحزم للمطورين لإعادة برمجة تطبيقات تعمل وفقاً لتلك المعمارية والتخلي عن معمارية x86، التي تطلق إنتل حزمها للمطورين، في المقابل فبرمجة ويندوز هي الأخرى كنظام تشغيل ستكون في حاجة لتبني المعماريات الجديدة لإنتل في حال سارت إليها وفقما هو متوقع.
أزمة القيادة
السيناتور الجمهوري توم كوتون أرسل رسالة إلى مجلس إدارة إنتل يشير فيها إلى أن تان يمتلك حصصًا في شركات ذات ارتباطات عسكرية صينية، بل ويتهمه بالمشاركة في خرق ضوابط التصدير الأميركية حين كان يقود شركة «كادنس ديزاين سيستمز.
وتبع هذا الهجوم دعوة صريحة من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عبر منصة «تروث سوشيال» لإقالة تان فورًا، مما دفع سهم الشركة إلى التراجع بنسبة 3% في يوم واحد، رغم أداء إيجابي لباقي أسهم التكنولوجيا.
السؤال الآن لم يعد هل يمكن أن تسقط إنتل؟ بل: هل ستبقى على قيد الحياة بما يكفي لتنجو من الطعنة الأخيرة؟ العالم التقني لا يرحم، ولا يؤمن بأي أحقية لـ”الكبار”، كقطار سريع يدهس كل من لا يجاريه في سرعته ويلاحقه.. فهل ستنجو إنتل من تحت عجلات القطار؟!