القاهرة… المدينة التي لا تنام، والتي تستفيق كل يوم على صخب تحدياتها ووعود مستقبلها. إنها العاصمة التي تشهد تحولاً جذرياً، مشروعاً تلو الآخر، في سعي دائم لمواكبة تطلعات قاطنيها ومكانتها التاريخية. وفي قلب هذه الحركة الدؤوبة، يقف التنسيق المستمر بين الأذرع التنفيذية كحجر زاوية. مؤخراً، اجتمع المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، بالدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، في لقاء لم يكن مجرد روتين، بل كان بمثابة ورشة عمل مصغرة لاستعراض نبض هذه التحولات وتحديد مسار المشاريع المستقبلية. يعني، باختصار، كانوا بيشوفوا إيه اللي اتعمل وإيه اللي لسه محتاج دفعة قوية.
ولعل أخطر الملفات التي تصدرت أجندة اللقاء هو ملف “العقارات الآيلة للسقوط”. هل تخيلت يوماً أن تستيقظ على صوت شقوق تتسع في جدران منزلك، أو أسوأ من ذلك، أن ترى مبنى بأكمله ينهار؟ هذه ليست مجرد أخبار نقرأها، بل هي كابوس يعيشه البعض ويتهدد حياة الكثيرين. ناقش الوزير والمحافظ الإجراءات المقترحة للتعامل مع هذا التحدي الوجودي، مؤكدين على ضرورة إجراء حصر دقيق وشامل لهذه العقارات المتهالكة، ووضع آلية واضحة ومحددة للتعامل معها. الهدف هو تلافي أي كوارث محتملة وتوفير حياة كريمة وآمنة للمواطنين، مستلهمين النجاح الذي تحقق في ملفات المناطق غير الآمنة والعشوائيات، اللي بصراحة كانت إنجاز بجد.
من الخطر الداهم إلى الأمل الجديد، انتقل الحديث إلى أحد أبرز مشاريع إعادة صياغة وجه العاصمة، وهو مشروع تطوير منطقة مثلث ماسبيرو. هذه المنطقة التي ظلت عقوداً طويلة بمثابة نقطة سوداء في قلب القاهرة، تتحول اليوم إلى مركز حضاري وسياحي واقتصادي واعد. تم استعراض آخر المستجدات التنفيذية للمشروع، بما في ذلك الأبراج الشاهقة التي ستطل على نهر النيل مباشرة، والتي من المتوقع أن تغير المشهد العمراني للمنطقة بشكل جذري. هنا، الأمر لا يتعلق فقط ببناء جديد، بل بخلق نموذج جديد للحياة العصرية يجمع بين التطور العمراني والتراث الثقافي.
وبالقرب من هذه التحفة المعمارية، يتجلى مشروع آخر يحمل عبق التاريخ وأصالة الفن، ألا وهو مشروع سور مجرى العيون. هذا الأثر التاريخي، الذي يمثل جزءاً لا يتجزأ من ذاكرة القاهرة، يخضع حالياً لعملية تطوير شاملة تهدف إلى إعادته إلى سابق عهده، بل وتجاوزه ليصبح منطقة جذب سياحي وثقافي متكاملة. الاجتماع تطرق إلى العديد من التفاصيل المتعلقة بتسريع وتيرة العمل ودفع معدلات التنفيذ، لضمان اكتمال المشروع وفقاً للجداول الزمنية المحددة. يعني بصراحة، شغل على ودنه عشان التاريخ ده يرجع يتكلم تاني.
ولأن القاهرة ليست فقط أبراجاً شاهقة ومواقع أثرية، بل هي أيضاً حدائق غنّاء تحتضن ذاكرة الأجيال، فقد أولى اللقاء اهتماماً خاصاً لتفاصيل الأعمال الجارية بمشروع تطوير حديقة الأزبكية التراثية والمنطقة المحيطة بها. هذه الحديقة، التي شهدت فصولاً من تاريخ الفن والأدب في مصر، يتم العمل على إعادتها للحياة مع الحفاظ على طابعها المعماري الفريد الذي يمثل توجيهاً مباشراً من رئيس مجلس الوزراء. تم استعراض الإجراءات المتخذة استعداداً للافتتاح الرسمي للحديقة، مما يعكس حرص الدولة على استعادة هذه المساحات الخضراء كمتنفس طبيعي وثقافي للمواطنين، والناس كلها متحمسة أوي تشوفها في ثوبها الجديد.
وبعيداً عن بريق المشاريع الكبرى، يبقى ملف الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري هو الشريان الذي يغذي آمال مئات الآلاف من الأسر المصرية في الحصول على سكن لائق. وتناول اللقاء موقف هذه المشروعات الحيوية، حيث تم الإشارة إلى تنفيذ ما يقارب 229,086 وحدة سكنية للإسكان الاجتماعي في محافظة القاهرة وحدها. هذا الرقم ليس مجرد إحصائية، بل هو حلم تحقق لعدد كبير من المواطنين، ويؤكد على التزام الدولة بتوفير حلول سكنية متنوعة وميسرة. فهل هناك ما هو أهم من توفير سقف يحمي العائلات؟ بصراحة، الإجابة واضحة.
ولأن الحياة الكريمة لا تكتمل بدون بنية تحتية قوية، تطرق اللقاء أيضاً إلى مستجدات مشروعات محطات مياه الشرب والصرف الصحي في عدة مناطق داخل نطاق المحافظة. هذه المشاريع، وإن كانت غالباً ما تعمل خلف الكواليس، إلا أنها عصب الحياة اليومية، ولا يمكن تخيل مدينة حديثة بدون منظومة متكاملة وفعالة للمياه والصرف الصحي. دفع معدلات تنفيذ هذه المشروعات يضمن استدامة الخدمات وتحسين جودة الحياة للملايين.
في نهاية المطاف، يكشف هذا اللقاء عن صورة متكاملة لجهود الدولة في القاهرة: معركة شرسة ضد التحديات القائمة، سباق مع الزمن لتحقيق مشاريع طموحة، والتزام راسخ تجاه توفير حياة أفضل لكل مواطن. إنها ليست مجرد اجتماعات أو تقارير، بل هي خريطة طريق لمستقبل عاصمة تتجدد، لتجمع بين عراقة الماضي وإشراقة المستقبل. هل سنرى القاهرة التي نحلم بها، مزيجاً مثالياً من الأصالة والحداثة، تتنفس هواءً نقياً وتوفر سكناً آمناً وفرصاً واعدة للجميع؟ كل هذه الخطوات تمهد الطريق نحو تحقيق هذا الحلم، والمتابع يرى أن العمل يجري على قدم وساق.