في عالم تتسارع فيه نبضات التكنولوجيا، وتتشابك خيوط التجارة عبر شاشاتنا الصغيرة، هل تخيلت يوماً أن سوقاً بأكمله يتجاوز حجمه الـ 6 مليارات دولار ينمو على أرض مصر، ويكاد يصرخ طلباً للمواهب؟ هذا ليس حلماً وردياً، بل واقع رقمي متصاعد يعيد تشكيل خارطة الأعمال، ويضع على عاتق الكفاءات المصرية مسؤولية اغتنام الفرص وقيادة المستقبل.

الدكتور عبد الله جاد الله، المدير الإقليمي للمجلس الدولي للتسويق (IMB)، يرى الصورة بوضوح تام، ويتحدث عن مبادرة استراتيجية ستكون بمثابة القاطرة لتعزيز مكانة مصر في المشهد العالمي. تخيلوا معي، أكثر من مئة ألف محترف في مجالات التسويق والإعلان تم اعتمادهم! هذا الرقم ليس مجرد إحصائية عابرة، إنه يمثل جيشاً رقمياً يتم إعداده على أعلى المستويات العالمية. الهدف الأسمى من وراء هذا الجهد المكثف؟ أن تتمكن الكوادر المصرية من المنافسة بقوة في أي سوق عالمي، وأن ترتفع جودة الخدمات التسويقية التي نقدمها لتضاهي، بل وتتفوق على، المعايير الدولية.

وليس هذا بالاعتماد السهل أو العشوائي، بل هو عملية دقيقة تلتزم بمعايير صارمة للغاية. الدكتور جاد الله أكد أن التركيز ينصب على اعتماد الأفراد والوكالات، وحتى الدورات التدريبية نفسها، وفق أسس لا تقبل التهاون. يعني إيه الكلام ده؟ يعني جودة المحتوى التعليمي يجب أن تكون ممتازة، وكفاءة المدربين ليست قابلة للمساومة. بصراحة كده، الحصول على اعتماد دولي في هذا المجال لا يمنحك مجرد ورقة، بل يمنحك جواز سفر للمستقبل. المسوقون المعتمدون يكتسبون ميزة تنافسية لا يُستهان بها، سواء داخل السوق المحلي أو على الساحة الدولية. وهل تتخيلون أن فرص توظيفهم يمكن أن تزيد بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بزملائهم غير المعتمدين؟ إنه رقم كبير يبعث الأمل ويدفع كل من يطمح لمستقبل مهني قوي ومستقر إلى الانخراط في هذا المسار.

طيب، إيه اللي بيخلي هذا الاستثمار في الكفاءات التسويقية ضرورة ملحة تحديداً في هذا التوقيت؟ هنا نعود إلى أرض الواقع، أو بالأحرى، إلى أرض الواقع الافتراضي الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا. السوق المصري يشهد طفرة غير مسبوقة في التجارة الإلكترونية، والأرقام تتحدث عن نفسها بوضوح: في عام 2024، تجاوزت قيمة التجارة الإلكترونية الـ 6 مليارات دولار! رقم ضخم، مش كده؟ هذا يعني أن لدينا سوقاً واسعاً يفتح ذراعيه، ولكنه في الوقت نفسه يصرخ طلباً للمتخصصين. سوق يحتاج إلى كوادر تسويقية مؤهلة ليس فقط لبيع المنتجات، بل لبناء علامات تجارية راسخة في هذا العالم الرقمي المتلاطم، ومعرفة كيف يصلون إلى العميل المستهدف بفاعلية وسط هذا الكم الهائل من المعلومات. دعم هذه الكفاءات بشهادات مهنية معترف بها عالمياً لم يعد رفاهية، بل أصبح ضرورة قصوى لرفع كفاءتهم وتطوير مهاراتهم، وضمان مواكبتهم لأحدث الممارسات الرقمية التي تتغير وتتطور بوتيرة متسارعة كل يوم.

هذه الجهود كلها، إذا ما نظرنا إليها من منظور أوسع، تتوافق تماماً مع رؤية مصر الطموحة للتحول الرقمي الشامل وتنمية رأس المال البشري. الدولة تسعى بخطى ثابتة لتصبح مركزاً إقليمياً رقمياً رائداً، وهذا الهدف لن يتحقق إلا إذا كان لدينا قاعدة قوية من الكفاءات المؤهلة القادرة على إدارة هذه الدفة بمهارة. اعتماد المسوقين المصريين دولياً لا يقتصر أثره على زيادة فرص العمل لهم فحسب، بل يفتح أيضاً الباب واسعاً أمام زيادة صادراتنا من الخدمات التسويقية. يعني إيه الكلام ده؟ يعني شركاتنا المحلية ستتمكن من تقديم خدماتها الاستشارية واستراتيجياتها المبتكرة لشركات عالمية خارج مصر، مما يجلب العملة الصعبة للبلاد ويعزز قدرتنا على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. هل يمكن أن نتخيل أن خدماتنا التسويقية الاحترافية قد تصبح يوماً منتجاً مصرياً مطلوباً عالمياً؟ بالتأكيد، الإمكانية موجودة وواعدة!

الدكتور جاد الله يؤكد نقطة جوهرية جداً وهي أن المسوقين المحترفين ليسوا مجرد أفراد يقومون بحملات إعلانية، بل هم مستشارون يقدمون خدمات استراتيجية مبتكرة قادرة على إحداث تحول جذري في أداء الشركات. تخيلوا أن الشركات يمكنها خفض تكاليفها التشغيلية بنسبة تصل إلى 20% بفضل هذه الاستشارات التسويقية الاحترافية الموجهة. وهذا ليس كل شيء؛ بل يمكن أيضاً أن تزداد قدرتها على الابتكار بنحو 30%. هذا يعني أن المسوقين المعتمدين لا يقتصر دورهم على جلب عملاء جدد فقط، بل يساهمون أيضاً في جعل الشركة نفسها تعمل بكفاءة أعلى، وتفكر بشكل أكثر إبداعاً، وهو ما يصب في النهاية في صالح الاقتصاد القومي ككل ويعزز التنافسية العالمية للمنتج المصري.

إذن، ما الذي يعنيه كل هذا بالنسبة لنا كأفراد أو كشركات في مصر؟ ببساطة، نحن نعيش في قلب تحول رقمي لا رجعة فيه، ولا مفر من مواجهته. الاستثمار في الكفاءات التسويقية ليس مجرد تطوير لمهنة، بل هو بناء لجسر متين يربطنا بالعالم، ويفتح آفاقاً جديدة للاقتصاد المصري المتطلع للنمو. هل نحن مستعدون لالتقاط هذه الفرصة الذهبية؟ وهل سنكون جزءاً فاعلاً في هذا المستقبل الرقمي الواعد الذي يلوح في الأفق؟ الأمر يتطلب منا جميعاً، كأفراد ومؤسسات، أن ندرك حجم هذا التغيير المتسارع، وأن نسعى بجد لتطوير أنفسنا ومهاراتنا باستمرار، لأن السباق الرقمي لا ينتظر أحداً. إنها ليست مجرد أرقام تُعلن في مؤتمر صحفي، بل هي قصة مستقبل تُكتب بأيدي وعقول مصرية شابة طموحة، مستعدة لخوض غمار التنافس العالمي بشرف واقتدار. هل سنكون على قدر هذا التحدي؟ بالطبع سنكون، فالمستقبل لنا أن نصنعه بأيدينا.

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.