في عالمٍ تتسارع فيه وتيرة التحولات الاقتصادية والتكنولوجية، حيث تتشابك الخيوط الرقمية وخطط المستقبل، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كوجهةٍ جاذبة للاستثمارات، محوّلةً رؤيتها الطموحة إلى واقعٍ ملموس يجتذب عمالقة الصناعة والتكنولوجيا من أقصى الشرق. فماذا يحدث عندما يلتقي الطموح الكوري بالرؤية الإماراتية السبّاقة؟ الإجابة تجلّت بوضوح في العاصمة أبوظبي مؤخرًا، حيث كانت أروقة وزارة الاقتصاد والسياحة شاهدةً على لقاءٍ يكتنز الأهمية، لقاءٌ يُبشّر بمرحلةٍ جديدة من التعاون الاقتصادي بين دولتين تجمعهما الرغبة في الابتكار والنمو.

استقبل معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد والسياحة، وفدًا رفيع المستوى من كبار رجال الأعمال الكوريين الجنوبيين، قادمين برئاسة السيد جين سيك يون، رئيس مجلس إدارة جمعية التجارة الدولية الكورية (KITA). الوفد لم يكن عاديًا؛ فقد ضم ممثلين عن 25 شركة كورية، كلٌّ منها يعمل في ميادين حيوية ومتنوعة، بدءًا من التكنولوجيا المتطورة والرعاية الصحية الحديثة، مرورًا بالطاقة المتجددة والاستثمار، وصولًا إلى الذكاء الاصطناعي وقطاع المركبات الكهربائية الواعد. يعني بصراحة، كانوا جايين ومعاهم أجندة متكاملة تشمل أهم القطاعات اللي بتشكل مستقبل الاقتصاد العالمي.

الهدف من هذا التجمع لم يكن مجرد لقاءٍ دبلوماسي عابر، بل كان يرمي إلى تعزيز فرص زيادة الاستثمارات الكورية المباشرة في الأسواق الإماراتية، لا سيما في قطاعات “الاقتصاد الجديد” التي تركز عليها الدولة. كما سعى الطرفان لاستكشاف آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي المشترك، ونسج شراكات مثمرة تدعم مجتمعات الأعمال في كلا البلدين. “هذا الاجتماع يمثل خطوة استراتيجية نحو فتح مجالات أوسع أمام الشركات الكورية للاستفادة من البيئة الاستثمارية المتقدمة التي توفرها الدولة،” هكذا صرّح معالي بن طوق، مؤكدًا على التزام الإمارات بتوفير كل ما يلزم لنجاح هذه الشراكات.

الوزير لم يتوقف عند هذا الحد، بل استعرض مجموعةً متكاملة من الحوافز والمقومات التي تجعل من بيئة الأعمال الإماراتية وجهةً لا تُضاهى. أشار إلى الإصلاحات التشريعية المتتالية والتحديثات القانونية التي دعمت التوسع في أنشطة وقطاعات الاقتصاد الجديد. ومن أبرز هذه التعديلات، صدور وتحديث قوانين الشركات العائلية والتعاونيات والوكالات التجارية، وكذلك تشريعات التجارة عبر وسائل التقنية الحديثة وقانون التحكيم. لكن لعل الأهم، هو إتاحة التملك الأجنبي المباشر للشركات بنسبة 100% في عددٍ هائل من الأنشطة الاقتصادية، والتي تتجاوز الآن 2000 نشاط. يعني باختصار، الإمارات فتحت أبوابها على مصراعيها للمستثمرين الأجانب، وبيقولوا لهم: تعالوا وابدأوا شغلكم من غير أي قيود على ملكيتكم.

الأرقام هنا لا تكذب أبدًا، بل تحكي قصة نجاح متصاعدة. الإمارات، كما أوضح معالي الوزير، تُعد شريكًا اقتصاديًا حيويًا لكوريا الجنوبية، وتشكل بحق بوابةً استراتيجية وحيوية للصادرات الكورية إلى أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الواعدة. هل تعلمون أن السوق الإماراتي يحتضن اليوم ما يقرب من 1300 شركة كورية؟ هذا العدد ليس ثابتًا، بل شهد زيادة ملموسة تجاوزت 16% مقارنةً بنهاية أغسطس 2024. هذه الشركات لا تقتصر على مجالٍ واحد، بل تعمل في أنشطة اقتصادية متنوعة، مما يعكس الثقة الكورية الراسخة في مناخ الأعمال التنافسي والمحفز الذي توفره الدولة.

ولم تقتصر العلاقات المزدهرة بين البلدين على الجانب الاقتصادي البحت. فالسياحة تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الروابط الثقافية والشعبية. خلال عام 2024، استقبلت الإمارات نحو 57 ألف سائح قادم من كوريا الجنوبية. هذا الرقم يمثل نموًا مذهلاً بلغ 41.5% مقارنةً بعام 2023. هذه الزيادة ليست مجرد أرقام، بل هي دليلٌ واضح على الزخم المستمر في العلاقات الثنائية، وتؤكد مكانة الإمارات كوجهة عالمية رائدة لاقتصاد الأعمال والسياحة على حدٍ سواء. تخيلوا، ناس كتير بتيجي من كوريا مخصوص عشان تستكشف جمال الإمارات وتشوف فرصها، ده بيوريك مدى الجاذبية اللي وصلت لها الدولة.

في الختام، يُمكن القول إن هذا اللقاء ليس مجرد خبر عابر في صفحات الاقتصاد، بل هو تأكيدٌ على الدور المحوري الذي تلعبه الإمارات كمركز عالمي للاستثمار والابتكار، وجسر يربط بين الشرق والغرب. الشراكة مع دولة بحجم كوريا الجنوبية، التي تُعرف بكونها إحدى القوى الاقتصادية والتكنولوجية الرائدة عالميًا، تعزز بلا شك من مكانة الإمارات على الخريطة العالمية. الأهم من ذلك، أن هذه الشراكات لا تقتصر فوائدها على المستثمرين الكبار فحسب، بل تمتد لتخلق فرص عمل جديدة، وتجذب الخبرات، وتنقل المعرفة، وتدعم الابتكار في شتى المجالات، مما يعود بالنفع على مجتمع الإمارات بأسره. فهل نحن مستعدون لمشاهدة ثمار هذه الشراكات وهي تزهر في سماء اقتصادنا المتجدد؟ كل المؤشرات تدل على أن المستقبل يحمل في طياته المزيد من التطور والازدهار لهذه العلاقات الثنائية الواعدة.

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.