في خضم عواصف السوق: حيل تجار الأخشاب والمستثمرين وراء التلاعب في البورصة المصرية
مع بداية كل يوم عمل في البورصة المصرية، تتوهج الشاشات بالأرقام والأقواس المترنّحة، ولكن خلف الكواليس هناك من يلعب بالأرقام بطريقة تجعلك تتساءل: كم من الأمانة والتنافسية موجودة في هذه اللعبة؟ في الوقت الذي انشغل فيه الكثير من الناس بمشاغل حياتهم اليومية، كان هناك مجموعة من تجار الأخشاب والمستثمرين، الذين أطلق عليهم اسم “المتلاعبين”، يقومون بما يشبه الرقصة الخطيرة على أنغام تلاعبات سوقية.
في الساعات الأخيرة، تصاعدت الاتهامات ضد هؤلاء الأفراد، الذين يُزعم أنهم استخدموا أساليب غير مشروعة للتلاعب بالأسعار وتوجيه السوق لصالحهم. ما حدث كان بمثابة مشهد درامي ظهر فيه هؤلاء المتلاعبون كالشخصيات الرئيسية في رواية معقدة، حيث يستخدمون استراتيجيات مُحكمة واعتماداً على معلومات خاصة للدخول في صفقات مريبة.
أفادت مصادر موثوقة أن هذه الممارسات لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت تُخطَّط لها بعناية منذ فترة ليست بالقصيرة. قيل إن بعض هؤلاء التجار قد تربطهم علاقات وثيقة بشخصيات نافذة في السوق، مما يتيح لهم الاستفادة من معلومات مبكرة. أليس من المثير للاهتمام أن نعرف من يقف خلف هذا الحجاب؟ كيف تتداخل المصالح والنفوذ في ظل غياب الرقابة؟
شهدت البورصة المصرية العديد من وسائل التلاعب التي اتخذها هؤلاء المتلاعبون، بدءًا من “التعاملات الشبحية” حيث يقومون بشراء الأسهم من خلال أطراف ثالثة بهدف رفع الأسعار، إلى ما يُعرف بـ “التحرك العرضي” حيث يُشاع عن انهيار أو ارتفاع أرضية الشركة بطرق مضللة. هذا الأمر ليس إلا جزءاً من لعبة شطرنج بات فيها السعر وحشاً يمكن ترويضه بأدوات غير مناسبة.
وفي تصريحٍ للنائب السابق، الدكتور عادل بيومي، أكد أن الوضع الحالي يتطلب تدخلاً سريعاً من الحكومة والهيئات المعنية لإعادة تنظيم السوق وضمان شفافيتها. حيث قال “لا يمكن تجاهل دور هؤلاء المتلاعبين، ولكن يجب أيضاً أن نُنهي نظام التواطؤ الذي يُخرب السوق”. تذكر أن وجود مستثمرين صغار يعملون في السوق بطريقة غير آمنة أمر قد يعرّض أحلامهم للخطر.
لكن ماذا عن المستثمرين الصغار؟ البعض منهم عبروا عن قلقهم في ظل هذه الفوضى. حيث يقول أحمد، أحد المستثمرين الشبان، “مش عارفين نكمل ولا ننسحب. السوق بصراحة بقى زي البحر الهائج، مش عارفين الغراب اللي هيلقينا”. لاحظ كم أن الإثارة والغموض يمكن أن يخلقوا شعوراً متزايداً بالخوف والتوتر.
وعندما يتحدث البعض عن تنظيم السوق، يتبادر إلى الذهن سؤال مهم: هل بالفعل تستطيع الهيئات المعنية فرض قوانين من شأنها القضاء على هذه الممارسات؟ في ظل المشهد المتجدد في السوق، يبدو أن هناك حاجة ملحة لتغيير الثقافة الشعبية التي تحيط بعمليات الاستثمار في البورصة. كيف يمكن للطلاب الجدد في الاستثمار أن يتعلّموا من هذه الدروس المّرة؟
مع تحركات الأسعار التي تتأرجح، يبقى السؤال: هل ستنجح الجهات المعنية في استعادة السيطرة على هذه البورصة المجنونة؟ لعله من المهم على الجميع أن يدركوا أن الاستثمار الذكي يعتمد على المعرفة، والشفافية، والتزام الروح الرياضية. كم نتمنى عالمًا أفضل حيث يعمل الجميع بشكل منصف وجماعي.
في النهاية، لقد ألقى هؤلاء المتلاعبون الضوء على جوانب مظلمة في مشهد البورصة المصرية، لكنهم أيضاً فتحوا باب النقاش حول الحاجة إلى إصلاحات عميقة. فلنأمل أن نستفيد من هذه المحنة، لتصبح الأسواق أكثر أماناً وشفافية. وهذا يتطلب منا كأفراد ومجتمع أن نتقبل تحديات جديدة، وبذلك يمكننا أن نرتقي بمستوى الاستثمار والوعي المالي لدينا.