يوم الإثنين الموافق 22 سبتمبر 2025، لم يكن يوماً عادياً في أسواق الصاغة المصرية، بل كان يوماً يحمل في طياته خبرًا هزّ أركان العديد من المستثمرين والمتعاملين في المعدن الأصفر. فبعد فترة من الترقب، شهد الذهب انخفاضاً قوياً وكبيراً في كافة عياراته، ليثير موجة من التساؤلات والقلق لدى البعض، وفرحة عارمة لدى البعض الآخر، خصوصاً المقبلين على الزواج. “يا ترى ده وقت نشتري فيه ولا ننتظر أكتر؟” سؤال بدأ يتردد على ألسنة الجميع، في ظل هذه التقلبات المفاجئة.

لم يكن هذا التراجع وليد الصدفة، بل جاء متأثراً وبشكل مباشر بالهبوط الذي شهده سعر المعدن النفيس عالمياً. وكما هو معروف، أسعار الذهب في السوق المحلي المصري ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأسعار العالمية، إلى جانب عوامل أخرى مثل سعر صرف الجنيه أمام الدولار وعوامل العرض والطلب. ولعل هذا الارتباط هو ما يجعل أي تحرك في البورصات العالمية يلقي بظلاله سريعاً على الشارع المصري، خصوصاً على من يرون في الذهب ملاذاً آمناً أو استثماراً مضموناً.

وفقاً لآخر تحديثات شعبة الذهب والمجوهرات، فإن حجم التراجع كان لافتاً، وخصوصاً فيما يتعلق بالجنيه الذهب الذي فقد من قيمته 320 جنيهاً دفعة واحدة، وهو رقم ليس بالهين بكل صراحة. تخيّل أنك تملك عدة جنيهات ذهبية، فجأة تجد قيمتها قد انخفضت بهذا الشكل. أما عيار 21، والذي يعتبر الأكثر تداولاً وشعبية بين المصريين، فقد سجل انخفاضاً قدره 40 جنيهاً للجرام الواحد. هذا التراجع قد يبدو صغيراً في الوهلة الأولى، لكنه في الحقيقة يحمل دلالات كبيرة عن الاتجاه العام للسوق.

لنستعرض الأرقام بوضوح ليعرف الجميع إلى أي مدى وصلت الأسعار بعد هذا الهبوط. سعر جرام الذهب عيار 24، والذي يُعرف بنقائه العالي، وصل إلى 5622 جنيهاً. أما عيار 21، كما ذكرنا، فقد تراجع ليلامس 4920 جنيهاً للجرام الواحد. وبالنسبة لعيار 18، الذي يفضله الكثيرون للمشغولات الذهبية بسبب متانته وقابليته للتشكيل، فقد سجل 4217 جنيهاً. الجنيه الذهب، ذلك الملاذ الادخاري التقليدي لكثير من الأسر المصرية، استقر سعره عند 39360 جنيهاً بعد هذا الهبوط الحاد. أما على الصعيد العالمي، فقد بلغ سعر أوقية الذهب 3648 دولاراً أمريكياً، وهو ما يعكس التوجه النزولي الذي دفع الأسعار المحلية للانخفاض.

لكن مهلاً، لا تنتهي الحكاية عند سعر الذهب الخام فقط، فلكل قطعة ذهبية نشتريها قصة أخرى تسمى “المصنعية”. المصنعية هي تلك القيمة التي يضيفها الصائغ مقابل تصنيع وتشكيل الذهب، وهي تختلف من محل لآخر، ومن محافظة لأخرى، وحتى من تاجر لآخر. يعني بالمصري كده، لو ناوي تشتري، لازم تسأل كويس عن المصنعية قبل ما تاخد قرارك. بشكل عام، يتراوح متوسط سعر المصنعية والدمغة في محلات الصاغة ما بين 30 و 65 جنيهاً للجرام، ويختلف هذا الرقم بناءً على نوع العيار وتفاصيل المشغولة نفسها. أما عند حساب سعر الذهب عيار 21 بالمصنعية، فيمكن تقدير زيادة قدرها 100 إلى 150 جنيهاً على سعر الجرام المعلن، وهو هامش يعكس التنوع في جودة التصنيع والتكلفة التشغيلية لكل صائغ.

ماذا يعني هذا كله بالنسبة للمواطن العادي أو المستثمر الصغير؟ هل هو الوقت الأمثل للشراء، أم أن الأسعار ستواصل هبوطها؟ بصراحة، الإجابة ليست بهذه البساطة. فبالنسبة للمقبلين على الزواج، قد يكون هذا التراجع بمثابة “فرصة ما تتعوضش” لإنهاء قائمة المشتريات الذهبية التي طالما شكلت عبئاً مادياً. أما بالنسبة للمستثمرين، فإن الذهب لطالما كان ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات الاقتصادية وتقلبات الأسواق، ولكن هذا الانخفاض يثير تساؤلات حول مدى استمرارية هذه القاعدة في ظل التغيرات العالمية.

في الختام، يبقى الذهب، ببريقه التاريخي ومكانته الثقافية والاقتصادية، محط أنظار الجميع. انخفاض اليوم، وإن كان مؤثراً، فهو جزء من دورة اقتصادية عالمية تتأثر بعوامل لا حصر لها، بدءاً من أسعار الفائدة وحتى التوترات الجيوسياسية. السوق دائماً ما يحمل في طياته مفاجآت، والمؤكد أن أسعار الذهب ستظل مادة دسمة للمتابعة والتحليل، لأنها تعكس ليس فقط قيمة معدن نفيس، بل تعكس أيضاً حالة الاقتصاد العالمي والمحلي، وآمال وطموحات الملايين. فهل سيستمر هذا الانخفاض، أم أن الأسواق ستشهد انتعاشاً قريباً يعيد للذهب بريقه المعهود؟ الأيام القادمة وحدها من ستكشف لنا الإجابة.

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.