هل هناك معدن يمتلك من السحر والجاذبية ما يمتلكه الذهب؟ قرون طويلة وهو ليس مجرد زينة أو رمز للثراء، بل قصة تتداخل فيها الاقتصاد بالسياسة، والاضطراب بالأمل. وفي الآونة الأخيرة، تحول بريقه إلى محور نقاش على كل لسان، وكأنه يكتب فصلاً جديداً في تاريخه العريق. مين فينا مابقاش يتكلم عن أسعار الدهب؟ السؤال ده بقى على كل قهوة، وفي كل تجمع، وكأنه المؤشر اليومي لحالة الدنيا كلها.
الخميس، الثاني من أكتوبر لعام 2025، كان يوماً استثنائياً بكل المقاييس. ليس يوماً عادياً في سجلات أسواق الذهب، بل محطة تاريخية حفر فيها المعدن الأصفر اسمه بأحرف من نور. شهدت الأسعار في مصر قفزات غير مسبوقة، صعوداً مدوياً جعلها تتخطى كل الحواجز، لتصل إلى ذرى لم تبلغها من قبل. هذا الارتفاع لم يكن وليد صدفة أو عوامل محلية بحتة، بل كان انعكاساً لموجة ذهبية عالمية عارمة اجتاحت الأسواق الدولية، ودفعته نحو مستويات قياسية أثارت دهشة الخبراء والمراقبين.
على الساحة العالمية، الذهب لا يكتفي بالتحليق عالياً فحسب، بل يكسر الحواجز النفسية والمادية تباعاً. وصل سعر الأوقية قرب 3900 دولار، وهو رقم لم نعهده من قبل، ويقترب بخطوات واثقة من الحاجز النفسي الأهم، حاجز الـ 4000 دولار للأوقية. يا ترى إمتى هنشوف الرقم ده؟ هذا الزخم الشرائي القوي، الذي يتجاهل أي إشارات تصحيح فني قصيرة الأجل، يؤكد أن هناك قناعة راسخة لدى المستثمرين بأن الذهب هو الملاذ الآمن في زمن تتقلب فيه الموازين وتتغير فيه المعطيات بسرعة فائقة. ففي ظل بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، يصبح الذهب أكثر جاذبية، حيث تقل تكلفة الفرصة البديلة لحيازته، خصوصاً أنه لا يقدم عائداً لحامليه. هذا السيناريو، ببساطة، جعل الذهب يحقق مكاسب تجاوزت الـ 47% هذا العام وحده، وهو رقم لا يمكن لأي مستثمر أن يتجاهله.
مصر، كجزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، لم تكن بمعزل عن هذه الطفرة. بل شهدت أسواقنا المحلية، في تعاملات الخميس الفورية، ارتفاعات قياسية مدعومة بالصعود العالمي القوي. والأكثر إثارة للانتباه، أن هذا الصعود المحلي استطاع أن يتجاوز حتى الضغوط الناتجة عن تراجع سعر الصرف، وهو ما يؤكد مدى قوة الدفع التي يكتسبها الذهب حالياً. يعني بصراحة كده، الواحد كان ممكن يتوقع إن تراجع الجنيه ممكن يأثر على قوة الذهب، بس اللي حصل كان العكس تماماً، وده يخليك تسأل: هل الذهب فعلاً بقى أقوى من أي متغير تاني؟
دعونا نلقي نظرة على الأرقام التي أصبحت حديث الساعة، ففي هذا اليوم الاستثنائي، سجلت عيارات الذهب الرئيسية مستويات غير مسبوقة:
* عيار 24: وصل إلى 5985 جنيهاً مصرياً.
* عيار 21: ارتفع ليلامس 5237 جنيهاً مصرياً.
* عيار 18: بلغ 4489 جنيهاً مصرياً.
* أما الجنيه الذهب، فقد قفز إلى 41896 جنيهاً مصرياً.
هذه الأرقام ليست مجرد أرقام في بورصة المعادن الثمينة؛ إنها شهادة حية على التحولات الكبرى التي يشهدها العالم. الذهب، تاريخياً، هو الحصن المنيع ضد عدم اليقين الاقتصادي والسياسي. عندما تتصاعد المخاوف بشأن التضخم، أو تتزايد حدة التوترات الجيوسياسية، أو حتى عندما تسود حالة من الضبابية حول مستقبل أسعار الفائدة والسياسات النقدية، يتجه المستثمرون إلى الذهب باعتباره ملاذاً آمناً يحفظ قيمة أموالهم، أو على الأقل يقلل من تآكلها. الموضوع ده مهم أوي، لإن الذهب هنا قدر يتجاوز تأثيرات كتير، وده بيبين قد إيه الناس بتثق فيه.
فهل نحن أمام مرحلة جديدة يتربع فيها الذهب على عرش الاستثمارات؟ وهل سيستمر هذا الارتفاع الصاروخي، أم أن لكل صعود هبوط؟ هذه التساؤلات تبقى عالقة في الأذهان، وتستدعي تأملاً عميقاً في ديناميكيات الاقتصاد العالمي والمحلي. الأكيد أن الذهب، ببريقه الذي لا يخبو، وقدرته على الصمود في وجه العواصف، يظل لاعباً أساسياً في المشهد المالي، ومرآة تعكس حالة القلق والأمل في آن واحد. لغاية دلوقتي، الذهب لسه هو الملك اللي بيتربع على عرش القلق العالمي، ويا ترى إيه اللي هيحصل بعد كده؟ الأيام الجاية هي اللي هتقولنا.