حسن محمود
في عالم اليوم، حيث أصبح النقر على زر واحد يفتح لك أبوابًا كانت بالأمس تبدو مغلقة تمامًا، من شراء البقالة إلى حجز تذاكر الطيران، يتساءل كثيرون: هل يمكن لأسس حياتنا، كالمنزل الذي نحلم به ونؤسس فيه عائلاتنا، أن تواكب هذا التحول الرقمي المتسارع؟ وهل سيصبح البحث عن “بيت العمر” مجرد نقرات بسيطة من أجهزتنا الذكية؟
يبدو أن الإجابة قد بدأت تتشكل بوضوح في الأفق المصري، فوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، في خطوة جريئة ومحورية، أعلنت عن استعداداتها لإطلاق المرحلة الثانية من مشروع سكني ضخم يضم نحو 400 ألف وحدة. هذا الطرح المرتقب، والذي من المقرر أن ينطلق في مطلع أكتوبر المقبل، لن يكون عبر الوسائل التقليدية المعتادة، بل سيحتضنه الفضاء الرقمي المتطور من خلال “منصة مصر العقارية” الإلكترونية.
هذا الإعلان لم يأتِ من فراغ أو مجرد فكرة عابرة، بل هو ترجمة عملية وتفعيل لتوجيهات صريحة من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، الرامية إلى توفير سكن كريم ومناسب لكل مواطن مصري، وفي الوقت ذاته تعزيز آليات التحول الرقمي في كل مفاصل الدولة. يعني بصراحة، الدولة كلها رايحة للرقمي، وده كان لازم يوصل لأهم حاجة وهي السكن المستقر والآمن.
وقد تجلى هذا التوجه بوضوح خلال اجتماع موسع عقده المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان، مع مسئولي المنصة لمتابعة الاستعدادات النهائية لهذا الحدث الهام. الشربيني أكد مرارًا وتكرارًا أن هذه المنصة ليست مجرد موقع إلكتروني جديد يُضاف إلى قائمة المواقع الحكومية، بل هي حجر زاوية ضمن رؤية الدولة العميقة للتحول الرقمي، وتطوير الخدمات المقدمة لكل من المواطنين الباحثين عن منزل أحلامهم والمستثمرين الطموحين الذين يرون في السوق المصري فرصًا واعدة.
الوزير لم يتوقف عند هذا الحد، بل رسم صورة أوسع لدور المنصة قائلاً: “نعمل بجد لتكون منصة مصر العقارية أداة محورية وفعالة في تسويق المشروعات العقارية، ليس فقط داخل حدود مصر، بل خارجها أيضًا”. وهذا يجسد جوهر توجيهات الرئيس بضرورة ابتكار بدائل جديدة وغير تقليدية، وتشجيع الاستثمار العقاري المحلي والأجنبي، وتوسيع قاعدة المستفيدين من ثمار هذا القطاع الحيوي. هل نتخيل كم الفرص الاقتصادية والاستثمارية التي يمكن أن يفتحها هذا التحول النوعي؟
وفي سياق متصل، كشف الشربيني عن خطط الوزارة لإعداد منصة متكاملة مخصصة بالأساس لتصدير العقار المصري. هذا الملف الاستراتيجي، كما أشار، يحظى باهتمام بالغ من القيادة السياسية، التي تسعى جاهدة لفتح آفاق جديدة أمام الاستثمارات الوافدة من كل أنحاء العالم، لتكون مصر بذلك مركزًا جاذبًا وموثوقًا للاستثمار العقاري العالمي. وهذا حلم كبير، بصراحة، ممكن يغير خريطة الاقتصاد الوطني بأكمله، ويعزز من تواجد العملة الصعبة.
تصدير العقار المصري، كما أوضح الوزير، ليس عملية عشوائية تعتمد على الصدفة أو الاجتهادات الفردية، بل يحتاج إلى منظومة دقيقة ومحكمة. هذه المنظومة ستشمل حصرًا وتصنيفًا دقيقًا وشاملاً للوحدات العقارية المتاحة للبيع، وتحديدًا واضحًا للأسواق العالمية المستهدفة بناءً على دراسات معمقة، بالإضافة إلى وضع استراتيجية تسويقية متكاملة وذكية تربط مصر بأسواق العقارات الدولية الكبرى بشكل احترافي وفعال. يعني من الآخر، شغل احترافي مية في المية يضمن أقصى استفادة.
ولتعزيز هذه المنظومة الرقمية الشاملة وتحقيق أهدافها على أكمل وجه، أشار الشربيني أيضًا إلى الاجتماعات الدورية التي تعقدها فرق العمل الخاصة بـ “منظومة الرقم القومي الموحد للعقارات”. هذه المنظومة هي بمثابة العمود الفقري الذي سيسهم بشكل جذري في تنظيم السوق العقارية بأكملها، وتحقيق أقصى درجات الشفافية والدقة في البيانات المتداولة. تخيل كده: قاعدة بيانات لحظية ومتكاملة، سهلة الوصول إليها، والأهم من ذلك أنها آمنة وموثوقة. وداعًا للتعقيدات والبيروقراطية وأي ممارسات غير سليمة!
في ختام حديثه، جدد المهندس شريف الشربيني التأكيد على الالتزام الراسخ بتنفيذ رؤية الرئيس السيسي الطموحة، ليس فقط في توفير السكن الكريم للمواطن المصري، وهو هدف أساسي لا يمكن التنازل عنه ويلامس حياة كل أسرة، بل أيضًا في ترسيخ مكانة مصر كوجهة استثمارية إقليمية ودولية تنافس كبرى الدول. هو شايف إن منصة مصر العقارية دي مش مجرد موقع على شبكة الإنترنت، دي بوابة موحدة هتعكس حجم الإنجازات التي تتم على أرض الواقع، وهتفتح آفاق جديدة تمامًا أمام التنمية والازدهار في بلدنا.
ولمن يتساءل عن الكيفية العملية لكل هذا، فإن منصة مصر العقارية (www.realestate.gov.eg) هي بالفعل قاعدة بيانات دقيقة، يتم تحديثها لحظيًا، لكل العقارات المعروضة في السوق المصرية. هي مش بس بتعرض العقارات، دي بتوفر خدمات إلكترونية متكاملة لتسهيل الوصول للمعلومات العقارية المعتمدة والموثوقة، وبكده، بتساهم في تحسين جودة التعاملات بشكل عام، وربط السوق المصري بالأسواق العالمية الكبرى، لتدعم مكانة مصر على خريطة الاستثمار العقاري العالمي.
هل يمكننا أن نتخيل مستقبلًا حيث يصبح شراء منزل أو الاستثمار في العقارات المصرية أسهل وأكثر أمانًا وشفافية من أي وقت مضى؟ يبدو أن مصر، بفضل هذه المبادرات الرقمية الجريئة، تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هذا المستقبل الواعد، ليس فقط لتلبية احتياجات مواطنيها، بل لاستقطاب المستثمرين من كل حدب وصوب، مقدمةً بذلك نموذجًا يحتذى به في كيفية دمج التكنولوجيا لتحقيق التنمية المستدامة والرخاء الاقتصادي. إنها ليست مجرد وحدات سكنية تُطرح، بل هي لبنة في بناء مستقبل رقمي مشرق للوطن، يعزز من مكانته ويوفر لشعبه حياة أفضل.
