سوق المال السعودية: مسيرة للابتكار نحو الاقتصاد الرقمي
في عالمٍ يتسارع فيه نبض التغيرات الاقتصادية، برزت السوق المالية السعودية كأحد أبرز النماذج العالمية التي تمثل قصة نجاح مذهلة. إيه، باختصار، السوق المالية السعودية حققت انطلاقة غير مسبوقة، حيث تجاوزت قيمتها 2.4 تريليون دولار في نهاية الربع الثاني من العام الحالي. وفي ظل هذه الوتيرة المتسارعة، تحولت المملكة إلى واحدة من رواد الاقتصاد غير النقدي، مع تزايد حصة المدفوعات الإلكترونية من 18% عام 2016 إلى 79% بنهاية العام الماضي.
في حفل افتتاح مؤتمر “موني 20 / 20 الشرق الأوسط”، الذي أقيم في الرياض، عبّر وزير المالية محمد الجدعان عن فخره بما حققته المملكة، مشيراً إلى ضرورة تنويع الاقتصاد وفتح آفاق جديدة للاستثمار. “إحنا بنشوف نمو حقيقي هنا، وده يعكس التزامنا بالتقدم ومواكبة العصر”، كما قال الجدعان، مما يمهد الطريق لمستثمرين من مختلف أنحاء العالم.
إن استضافة هذا المؤتمر في وقت تشهد فيه العواصم العالمية تحولات كبيرة، تعكس مكانة المملكة كأحد أبرز المراكز المالية العالمية. في ظل التوترات الجيوسياسية التي تعصف بالاقتصاد العالمي، وارتفاع أسعار الفائدة التي تعيد تشكيل تكلفة رأس المال، أثبتت السعودية أنها قادرة على تقديم حلول مبتكرة. وكأنها تقول للجميع: “إحنا هنا لنساهم في بناء مستقبل القطاع المالي”.
فحسبما أوضح الجدعان، تجمع المائدة هذه قادة القطاع المالي وصنّاع السياسات، الذين يديرون أصولًا تمتد لأكثر من 7 تريليونات دولار. “مصلحة المستقبل تتطلب التفكير المتبصر والمبتكر، عشان نبني بيئة مالية مزدهرة وآمنة”.
تحديات وتطلعات
على الرغم من التحديات التي تواجهها السوق، أشار الجدعان إلى أن الاقتصاد السعودي يستطيع التغلب عليها. وبالفعل، تتبنى المملكة “رؤية 2030” كخارطة طريق لتنويع الاقتصاد وتعزيز مرونته. “المستقبل يعتمد على الابتكار والتقنية. وبدون شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، مش هنقدر نوصل للطموحات دي”، كما أضاف.
بينما يتحدث الجميع عن الفرص غير المسبوقة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، وابتكارات التكنولوجيا المالية، يحث المستثمرين على الانتباه لما هو قادم. “يا جماعة، إحنا في ثورة رقمية حقيقية. الفرص دي مش هتجي مرّة تانية”، بحسب الجدعان.
أما محافظ “البنك المركزي السعودي”، أيمن السياري، فقد أكد على دور المملكة كمركز عالمي للابتكار المالي. ولعل أهم ما أشار إليه هو النمو الهائل في عدد شركات التقنية المالية، الذي تضاعف من أقل من 20 إلى 280 شركة بحلول منتصف 2025. “وده بيأكد إننا مش بس بنواكب العالم، لكن إحنا بنقودهم في بعض المجالات”.
التوازن في السوق
وفي حوار جانبي، تساءل محمد القويز، رئيس مجلس “هيئة السوق المالية” السعودية، عن كيفية تحقيق توازن بين الأفراد والمستثمرين المؤسسات. “السوق كانت موجهة للأفراد بشكل كبير قبل رؤية 2030. دلوقتي، بنشوف التنوع بيتزايد”، مضيفاً أن التنوع يعزز من استقرار السوق بشكل كبير. “التوازن ده ضروري عشان نقضي على الإشاعات ونعزز من الإيجابية”.
ومع وجود تحديات، يتحدث القويز عن خطط لتعميق السوق وضمان استقرارها. لكن كيف يمكن لذلك أن يتحقق مع تزايد الضغوط الاقتصادية العالمية؟ “الإجابة تكمن في تفهم التغيرات واحتضانها بدلاً من الخوف منها”، كما يوضح.
المدفوعات الرقمية: مرحلة جديدة
من جهة أخرى، شهد مؤتمر “موني 20 / 20” إطلاق خدمات جديدة، مثل “علي باي” الصينية و”غوغل باي”. “إحنا عايزين نكون بوابة رقمية متكاملة، والنجاح هنا يعتمد على تلبية احتياجات العملاء”، يقول الجدعان.
ويؤكد البنك المركزي السعودي أنه يسعى لتطوير بيئة مصرفية قائمة على الابتكار. “الدنيا بتتغير بشكل سريع، ولازم نواكب تلك التغيرات عشان نضمن استقرار القطاع المالي ونثري تجربة العملاء”.
خاتمة: نحو مستقبل مشرق
بينما تمضي السعودية قدمًا في مسعاها نحو بناء قطاع مالي متطور، فإن الرؤية الواضحة والأدوات الحديثة تساعدها في التحول إلى مركز ريادي. كما أن الجيل الجديد من الشباب، الذي يمثل أكثر من 70% من السكان، يحمل بين جنباته القدرة على تغيير المشهد بأسره. هل نحن مستعدون لاستثمار في هذه الطاقات الجديدة، وعلى استعداد لمواجهة تحديات الغد؟ الأمر يعتمد علينا جميعاً.