في يوم الخميس الماضي، لم يكن الذهب مجرد معدن ثمين يُتفاخر به؛ بل أصبح حديث الساعة، وقنبلة سعرية فجرتها الأسواق العالمية والمحلية على حد سواء، ليوقظ المصريين على واقع جديد لم يتوقعه كثيرون. فبقفزة تجاوزت كل التوقعات، سجل المعدن الأصفر ارتفاعات تاريخية، عاكسًا بذلك حالة من التقلبات الاقتصادية التي تدفع المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن، وربما كان الذهب هو بطلها بلا منازع في هذا اليوم.

لم تكن هذه القفزة مدعومة بمجرد شائعات السوق أو تحليلات خجولة؛ بل جاءت مدفوعة بصعود صاروخي لسعر الأوقية عالميًا، وهو ما انعكس بشكل مباشر وبقوة غير مسبوقة على الأسواق المصرية. ففي تاريخ الثاني من أكتوبر لعام 2025، شهدت أسعار الذهب في مصر تسارعًا كبيرًا في جميع الأعيرة، وكأنها تستعرض قوتها ومكانتها كحصن منيع ضد التضخم. ووفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن شعبة الذهب والمجوهرات، ارتفعت قيمة الجنيه الذهب بمقدار 1160 جنيهًا، بينما قفز سعر جرام الذهب عيار 21، العيار الأكثر تداولًا بين المصريين، بـ 145 جنيهًا دفعة واحدة. رقم كبير، صح؟ يعني بالبلدي كده، اللي كان مستني يشتري تأخر عليه الحال!

لكن لماذا هذا الارتفاع الجنوني؟ الإجابة تكمن في قلب الأسواق العالمية. ففي ذات اليوم، شهدت أسعار الذهب في المعاملات الفورية صعودًا بنسبة 0.2%، لتسجل 3866.10 دولار للأوقية الواحدة. والغريب أن هذا لم يكن الحد الأقصى؛ فالأوقية سجلت أعلى مستوى لها على الإطلاق في وقت سابق من الجلسة نفسها، واصلة إلى 3895.09 دولارًا. هذا الإقبال الهائل من المستثمرين على المعدن النفيس ليس محض صدفة، بل هو رد فعل طبيعي على حالة عدم اليقين والتقلبات الاقتصادية التي تضرب العالم. الناس بتدور على حاجة تحمي فلوسها، والذهب هو اللي بيجي في بالهم الأول.

دعونا نتعمق قليلًا في الأرقام التي أصبحت حديث المجالس والمنتديات الاقتصادية في مصر. عيار 24، الذي يُعتبر جوهرة المدخرين والمستثمرين على المدى الطويل، سجل سعرًا لم يبلغه من قبل، ووصل إلى 6100 جنيهًا للجرام. إنه الخيار الأمثل لمن يرون الذهب كوعاء لحفظ القيمة، وليس مجرد زينة. أما العيار الأكثر شعبية في بيوتنا، عيار 21، فقد لامس حاجز الـ 5225 جنيهًا للجرام، وهو الذي يدخل في صناعة معظم المشغولات الذهبية التي تزين معاصم سيدات مصر وأعناقهن. هل هذا يعني أن الذهب أصبح ترفًا لا يقدر عليه الجميع؟ سؤال يطرح نفسه بقوة.

ولا ننسى عيار 18، الذي يقدم توازنًا فريدًا بين الصلابة واللمعان، مما يجعله مثاليًا لتصميمات المجوهرات العصرية والاستخدام اليومي، وقد سجل 4480 جنيهًا للجرام. أما عن الجنيه الذهب، ذلك الحصن الاستثماري العريق الذي يعشقه المصريون، فقد بلغ سعره نحو 41800 جنيهًا. إنه ليس مجرد عملة قديمة، بل هو وسيلة ادخار واستثمار تحافظ على قيمتها وتزيدها مع مرور الزمن، وكأنها تروي قصة مقاومة التضخم في كل قفزة سعرية.

وبعيدًا عن الأرقام المحلية، تظل حركة سعر أوقية الذهب عالميًا بمثابة البوصلة التي تحدد اتجاهات الأسواق المحلية. اليوم، استقرت الأوقية عند 3866 دولارًا، وهو مؤشر حيوي يتأثر بشكل مباشر بالعوامل الاقتصادية والسياسية الدولية المعقدة. فهل يستمر الدولار في تراجعه، أم أن قرارات البنوك المركزية الكبرى ستقلب الطاولة من جديد؟ هذا ما سيكشف عنه المستقبل القريب.

لكن لحظة، هناك تفصيلة مهمة يغفلها الكثيرون عند الحديث عن أسعار الذهب في مصر، وهي “المصنعية”. يعني بصراحة كده، سعر الجرام المعلن ده مش هو اللي بتدفعه في الآخر. تختلف أسعار المصنعية والدمغة من محل لآخر، وحتى من محافظة لأخرى، وتتراوح في المتوسط بين 30 و 65 جنيهًا، حسب نوع العيار ومهارة الصائغ والمحل. ولحساب سعر جرام الذهب عيار 21 بالمصنعية والدمغة، يتم إضافة مبلغ يتراوح بين 100 و150 جنيهًا زيادة على السعر المعلن. يعني لازم تبقى عامل حسابك على دي كويس وأنت بتشتري.

في الختام، لا يمكننا فصل أسعار الذهب عن مجموعة معقدة من العوامل المتداخلة. فسعر الدولار في السوق الموازية، والتغيرات المستمرة في الأسواق العالمية، وقرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة والتيسير الكمي، كلها محركات رئيسية تتحكم في حركة هذا المعدن الثمين. لذلك، فإن متابعة التحديثات اليومية لأسعار الذهب لم يعد مجرد رفاهية، بل ضرورة حتمية لأي مستثمر أو حتى أي مواطن يرغب في الحفاظ على قيمة مدخراته. هل سيواصل الذهب صعوده الصاروخي، أم أن الأسواق ستشهد تصحيحًا وشيكًا؟ وحده الزمن كفيل بالإجابة، لكن الأكيد أن الذهب سيظل دائمًا ذلك الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه الجميع في أوقات الشدة والاضطراب.

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.