الدولار في مهب الريح: انقسامات الفيدرالي وسياسات ترامب تلقي بظلالها على العملة الخضراء

يا جماعة، هل عمركوا حسيتوا إن الدولار عامل زي مركب في بحر هائج؟ يوم فوق، يوم تحت، وكل موجة جاية بتجيب معاها حكاية جديدة. الأيام دي، الحكاية فيها تضارب إشارات يخوّف، لدرجة إن الواحد ممكن يتوه وهو بيحاول يفهم إيه اللي بيحصل بالظبط. شهدت العملة الأمريكية تراجعاً ملحوظاً مقابل غالبية العملات الرئيسية، في خضم عملية تقييم مستمرة من الأسواق للتوجهات المستقبلية للسياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، وذلك بعد قرار الخفض الأخير الذي أُقر الأسبوع الماضي.

لم تمض ساعات قليلة حتى تصاعدت حدة الجدل داخل أروقة البنك المركزي الأمريكي نفسه. ففي كلمة لافتة ألقاها السيد ستيفن ميران، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، أمام النادي الاقتصادي المرموق في نيويورك، لم يتردد في التعبير عن قناعته الراسخة بضرورة إقرار خفض قوي ومباشر لأسعار الفائدة، قد يصل إلى 2% كاملة. وصف ميران المستوى الحالي للفائدة بأنه “مشدد بشكل مبالغ فيه”، مؤكداً أن هذا الوضع لم يعد يتناسب مع التحولات الاقتصادية التي طرأت على الساحة مؤخراً. يعني ببساطة، الراجل شايف إن الاقتصاد محتاج جرعة تنشيط قوية عشان يقوم تاني.

لكن، وكأن الصورة لم تكن معقدة بما يكفي، جاء تحذير مغاير تماماً من السيد ألبرتو مُسالم، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، الذي اعتبر أن الخفض الذي تم الأسبوع الماضي كان مجرد “خطوة احترازية”. وأضاف مُسالم أن المجال المتاح لمزيد من الخفض أصبح محدوداً، في إشارة واضحة إلى ضرورة التريث والحذر الشديدين قبل اتخاذ أي قرارات أخرى. طب نعمل إيه دلوقتي، نسمع لمين فيهم؟

هذه التصريحات المتضاربة، الصادرة عن شخصيات قيادية في صلب صناعة القرار المالي الأمريكي، وضعت الأسواق في حيرة من أمرها. فالمستثمرون والتجار يراقبون كل كلمة وكل إشارة بحذر شديد، محاولين استقراء الاتجاه الذي سيسلكه الدولار والاقتصاد الأكبر في العالم. فبعد أن شهدنا تخفيضاً في أسعار الفائدة الأسبوع الماضي، كان السؤال الكبير يدور حول ما إذا كان هذا بداية لسلسلة تخفيضات أم مجرد إجراء استثنائي. واليوم، يبدو أن الإجابة ليست واحدة، بل متعددة ومتناقضة. وكأن الواحد لما بيشتري حاجة غالية، بيفضل يفكر ألف مرة قبل ما ياخد القرار، ده بالظبط اللي بيحصل في الأسواق العالمية.

وبعيداً عن دهاليز السياسة النقدية، جاءت ضربة أخرى للدولار من جهة مختلفة تماماً، وهذه المرة من البيت الأبيض. فقد أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيتها فرض رسوم سنوية باهظة، تُقدر بمئة ألف دولار، على تأشيرات العمل من فئة “إتش1-بي”. هل تتخيلون المبلغ؟ مئة ألف دولار! هذا القرار أثار موجة عارمة من المخاوف والقلق في أوساط شركات التقنية العملاقة والبنوك الكبرى التي تعتمد بشكل أساسي على استقطاب العمالة الماهرة والمتميزة، لا سيما القادمة من دول مثل الهند والصين. هذه الخطوة ليست مفاجئة تماماً، إذ تأتي في أعقاب تصريحات سابقة للرئيس ترامب عبر فيها عن استغرابه، وربما استيائه، من تولي الكثير من الهنود قيادة العديد من الشركات الأمريكية المرموقة. وكأن ترامب بيقول: “يا جماعة، مش معنى إنكم شاطرين إنكم هتخشوا أمريكا بسهولة كده!”

في خضم هذه التطورات المتلاحقة، لم يستطع مؤشر الدولار الصمود، ليسجل انخفاضاً مقابل سلة العملات الرئيسية. ففي تمام الساعة 20:09 بتوقيت جرينتش، هبط المؤشر بنسبة 0.3%، ليستقر عند مستوى 97.3 نقطة. وقد شهد المؤشر تقلبات خلال اليوم، حيث سجل أعلى مستوى له عند 97.8 نقطة، بينما وصل أدنى مستوى له إلى 97.3 نقطة، مما يعكس حالة عدم اليقين التي خيمت على التعاملات طوال ساعات التداول.

أما على صعيد العملات الفردية، فقد استغل الدولار الأسترالي فرصة ضعف نظيره الأمريكي، مرتفعاً بنسبة 0.1% ليبلغ 0.6598 بحلول الساعة 21:19 بتوقيت جرينتش. في المقابل، لم يكن أداء الدولار الكندي بنفس القوة، حيث انخفض مقابل العملة الأمريكية بنسبة 0.4%، ليتم تداوله عند 0.7231 في التوقيت ذاته، ما يعكس تأثير القوى الضاغطة على العملة الخضراء بشكل متفاوت.

إن ما نشهده اليوم ليس مجرد تذبذب عابر في أسواق العملات، بل هو انعكاس لتداخل معقد بين السياسات النقدية الداخلية لبلد بحجم الولايات المتحدة، والتصريحات الصادرة عن قادته، وبين القرارات الاقتصادية التي تتخذها إدارته. التضارب في الآراء داخل الفيدرالي حول مستقبل أسعار الفائدة، إلى جانب سياسات ترامب الحمائية تجاه الهجرة والعمالة، كلها عوامل تُلقي بظلالها على استقرار الدولار وتجعل من التنبؤ بمساره أمراً بالغ الصعوبة. يعني الواحد مش عارف يركز في إيه بالظبط؟ في عالم مترابط كهذا، فإن أي قرار في واشنطن، سواء كان مرتبطاً بالفائدة أو بتأشيرات العمل، له صدى عالمي يتجاوز الحدود الجغرافية. فالشركات والمستثمرون في كل مكان يراقبون عن كثب، محاولين فهم أي رياح ستُسيّر مركب الدولار في قادم الأيام. فهل سنشهد المزيد من الانقسامات والتصريحات المتناقضة، أم أن بوصلة الاقتصاد الأمريكي ستجد طريقها نحو الاستقرار؟ الأيام القادمة وحدها من ستحمل الإجابة، وربما مزيداً من التشويق. بس إحنا مستنيين نشوف إيه اللي هيحصل.

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.