هل فكرت يوماً في السر وراء جاذبية المدن التي لا تنام؟ تلك التي تثير الفضول وتدفع المستثمرين من كل حدب وصوب نحوها؟ في قلب الصحراء، حيث تتسابق ناطحات السحاب نحو الأفق، ترسم الإمارات العربية المتحدة قصة نجاح عقاري فريدة، قصة لا تتوقف فصولها عن الإبهار. فالقطاع العقاري هنا ليس مجرد مجموعة من المباني، بل هو محرك اقتصادي حيوي، يدفع عجلة التنمية بوتيرة غير مسبوقة ويجذب الأنظار عالمياً.
الحديث اليوم ليس عن مجرد نمو عادي، بل عن زخم يتصاعد بقوة، وكأنه موجة عاتية لا تتوقف. كشفت تقارير دولية حديثة أن سوق العقارات في الإمارات يواصل مساره التصاعدي بخطى ثابتة خلال عام 2025. المدن تتمدد، والمشاريع الجديدة تلوح في الأفق، والاستثمارات الأجنبية المباشرة تتدفق كشلال لا ينضب. كل هذا، بالإضافة إلى استقرار سوق الإيجارات وتوسع مشاريع “على الخارطة” (off-plan)، يرسم لوحة مستقبلية زاهية. يعني بصراحة، لما تبص على الأرقام دي كلها، تحس إن السوق ده مش بيبطّل!
وفي تفاصيل المشهد، تتربع العقارات “على الخارطة” على عرش مبيعات النصف الأول من العام الجاري في كل من دبي وأبوظبي. هيمنت هذه المشاريع بفضل الإطلاق المتواصل لوحدات سكنية جديدة، فضلاً عن المبيعات القوية في السوق الثانوية. هذه الديناميكية أدت إلى تسجيل مستويات قياسية في حجم النشاط. في دبي، على سبيل المثال، بلغت المبيعات العقارية خلال الربع الثاني من العام 153.7 مليار درهم إماراتي، بزيادة سنوية مذهلة قدرها 44.5 بالمائة. تخيل الرقم ده، مش قليل خالص! وفي أبوظبي، لم تكن الصورة أقل إشراقاً، حيث ارتفع متوسط أسعار المبيعات بنسبة 12.1 بالمائة خلال الفترة نفسها. هذه الأرقام تتحدث عن نفسها: هناك ثقة عميقة في هذا السوق.
السؤال هنا، تفتكر إيه السر ورا الثقة دي كلها؟ الإجابة تكمن في بيئة الأعمال المواتية والتشريعات المرنة التي تتبناها الدولة، إضافة إلى المشاريع التطويرية الضخمة التي لا تزال تُطلق، مما يعزز جاذبية السوق بشكل مستمر للمستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء.
لم يتوقف النمو عند العقارات الجاهزة أو الثانوية فقط. فالعقارات “على الخارطة” واصلت صعودها المدعوم بالمشاريع الجديدة. ووفقاً لتقديرات تقرير “جي إل إل”، فإن النصف الثاني من عام 2025 سيشهد بناء حوالي 32,400 وحدة سكنية جديدة في أبوظبي ودبي. هذا العدد الكبير يعكس استمرار الطلب القوي من المستثمرين والمشترين، ويؤكد قدرة السوق على تلبية الاحتياجات السكنية المتزايدة. فهل ستجد مكاناً في هذا الركب المتسارع؟
أما بالنسبة لسوق الإيجارات، فقد حافظ على استقراره الملحوظ في كل من أبوظبي ودبي. يبدو أن المستأجرين يفضلون تجديد عقودهم الحالية، مما يعكس رضاهم عن الأوضاع السكنية والظروف العامة. هذا الاتجاه انعكس على الأرقام بوضوح: ارتفاع عقود الإيجار في أبوظبي بنسبة 9.4 بالمائة على أساس سنوي خلال الربع الثاني، بينما سجلت دبي نمواً قدره 11.5 بالمائة في إجمالي عقود الإيجار السكنية. كأن المستأجرين بيقولوا: يا دار ما دخلك شر!
وإذا نظرنا إلى المبيعات ككل، فقد سجلت أبوظبي ارتفاعاً بنسبة 9.1 بالمائة في حجم معاملات البيع، مع نمو قوي ومثير للإعجاب في السوق الثانوية بلغ 32.6 بالمائة. وفي دبي، واصلت الإمارة تسجيل زيادة سنوية قدرها 22.8 بالمائة في إجمالي المبيعات، بفضل الطرح المتواصل لمشاريع “البيع على الخارطة”، بالإضافة إلى ارتفاع المبيعات الثانوية بنسبة 17.1 بالمائة. الأرقام تتشابك لتُظهر صورة متكاملة من النمو.
حتى العقارات المكتبية، التي تُعد مؤشراً حيوياً لصحة الاقتصاد، لم تكن بمنأى عن هذا الازدهار. في أبوظبي، ارتفع المخزون المكتبي بنحو 78 ألف متر مربع خلال الربع الثاني، ليصل إجمالاً إلى 4.6 مليون متر مربع، مع توقع تسليم 66 ألف متر مربع إضافية بنهاية العام. وفي دبي، أُضيف نحو 24 ألف متر مربع من المساحات المكتبية، ليصبح الإجمالي 9.3 مليون متر مربع. والأهم من ذلك، أن عام 2026 سيشهد دخول موجة جديدة من المكاتب الفاخرة ضمن مركز دبي المالي العالمي بإجمالي 264 ألف متر مربع. هذه التوسعات تعكس ليس فقط نمو الأعمال القائمة بل أيضاً استقطاب شركات جديدة وعملاقة.
وبموازاة هذه التطورات، تتوقع التقارير المستقبلية أرقاماً مهولة. فقد توقع تقرير صادر عن “ستاتيستا” أن تصل قيمة سوق العقارات في الإمارات إلى 693.53 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية عام 2025. وسيتصدر القطاع السكني هذا المشهد بقيمة 401.81 مليار دولار. ومن المتوقع أن يسجل القطاع معدل نمو سنوي قدره 2.28 بالمائة حتى عام 2029، ليبلغ 759.04 مليار دولار. هذه الأرقام ليست مجرد تكهنات، بل هي انعكاس لجاذبية السوق التي تستقطب اهتماماً متزايداً من الأفراد ذوي الثروات العالية الباحثين عن عقارات فاخرة، مما يعزز مكانة الدولة كوجهة استثمارية عالمية بارزة.
وفي السياق ذاته، قدّر تقرير لـ “موردر إنتليجنس” قيمة سوق خدمات العقارات في الإمارات بـ 18.45 مليار دولار خلال العام الجاري 2025، مع توقعات بالتوسع إلى 24.75 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 6.05 بالمائة. هذا النمو يعكس مرونة السوق، مدعوماً بزيادة الاستثمارات الأجنبية، والطلب المتزايد على الأصول اللوجستية، وتنامي مشاريع مراكز البيانات والإقامة المميزة. ووسط كل هذا، برزت إمارة رأس الخيمة كواحدة من النجوم الصاعدة، حيث توقع التقرير أن تحقق أعلى معدل نمو خلال السنوات المقبلة، مما يؤكد تنوع الفرص الاستثمارية وتوسع النشاط العقاري في مختلف إمارات الدولة.
ماذا يعني كل هذا بالنسبة لنا كأفراد أو مهتمين بالاقتصاد؟ يعني أن الإمارات ليست مجرد واحة فاخرة، بل هي مركز حيوي للابتكار والنمو الاقتصادي المستدام. إنها قصة طموح لا يعرف الحدود، ورؤية حكيمة تحول الصحراء إلى مدن عصرية نابضة بالحياة. هذا النمو العقاري ليس مجرد أرقام تُسجّل على الورق، بل هو بنية تحتية لمستقبل أكثر إشراقاً، ومناخ استثماري يجذب أفضل العقول والأموال. فهل أنت مستعد لتكون جزءاً من هذه القصة الملهمة؟