الدولار يترنح في القاهرة: هدوء مؤقت أم رياح التغيير تهب من واشنطن؟

كلنا عارفين إن عيون المصريين دايماً على الدولار. مش بس التجار والمستوردين، لأ ده أي مواطن عادي بيحس بقيمة العملة الخضرا دي في جيبه، في سعر السلع، وحتى في خططه للمستقبل. وكل ما بيحصل أي تحرك في سعر الصرف، الكل بيسأل: يا ترى إيه اللي بيحصل؟ وفي الثاني من أكتوبر 2025، شهدت الأسواق المصرية، وخصوصًا البنوك، بعض التحركات التي تستدعي الوقوف عندها. هل هو مجرد تذبذب عابر أم أن هناك خلفية أعمق لهذه التغيرات التي تأتي من وراء المحيط؟

مع إشراقة صباح الأربعاء، وقبل بدء المعاملات المصرفية الرسمية، أظهرت شاشات التداول في البنك المركزي المصري أن سعر الدولار الأمريكي قد سجل مستويات معينة في ختام تعاملات الأمس. بلغ سعر الشراء نحو 47.79 جنيهًا مصريًا، بينما استقر سعر البيع عند 47.92 جنيهًا. هذه الأرقام، وإن بدت للبعض مجرد كسور، إلا أنها تحمل في طياتها مؤشرات مهمة عن اتجاه السوق وتوقعاته، وبتورينا قد إيه الحكاية دي حساسة لأي تغيير ولو بسيط.

وبعيدًا عن أروقة البنك المركزي، كيف بدت الصورة في البنوك التجارية التي يتعامل معها الجمهور بشكل مباشر؟ في أكبر البنوك الحكومية، مثل البنك الأهلي المصري وبنك مصر، تماسك سعر الشراء عند 47.82 جنيهًا، بينما حافظ سعر البيع على مستوى 47.92 جنيهًا. هذا الاستقرار النسبي في البنوك الكبرى يعطي إشارة إلى محاولة السوق للحفاظ على توازنه في ظل الظروف الراهنة.

لكن لم تكن كل البنوك على نفس الوتيرة تمامًا. في بنك الإسكندرية وبنك البركة، لوحظت فروق طفيفة حيث سجل سعر الشراء 47.80 جنيهًا وسعر البيع 47.90 جنيهًا. أما البنك التجاري الدولي (CIB)، فتماشى مع البنوك الحكومية الكبرى تقريبًا، مسجلًا 47.82 جنيهًا للشراء و47.92 جنيهًا للبيع. الغريب شوية كان في بنك القاهرة، اللي سجل 48.23 جنيهًا للشراء و48.13 جنيهًا للبيع، يعني عكس الاتجاه المعتاد اللي بنشوفه غالبًا في البنوك! وكمان مصرف أبوظبي الإسلامي وبنك فيصل الإسلامي عرضا أرقامًا مختلفة. ففي مصرف أبوظبي، بلغ سعر الشراء 48.03 جنيهًا، والبيع 48.12 جنيهًا. أما بنك فيصل الإسلامي، فسجل 47.92 جنيهًا للشراء و47.82 جنيهًا للبيع، وهو أيضًا اتجاه معاكس للشراء والبيع بالنسبة لمعظم البنوك. الفروقات دي، وإن كانت مش كبيرة قوي، بس بتورّي إن كل بنك عنده سياسته وإدارته للمخاطر، وكمان بتعكس السيولة المتاحة عنده، وكل قرش بيفرق في الحسابات الكبيرة.

طيب، يا ترى إيه اللي خلى الدولار ياخد المنحنى ده ويشهد تراجعًا طفيفًا يوم الأربعاء؟ الحقيقة إن الإجابة هنا مش محلية بس، لأ دي جايانا من ورا المحيط، تحديدًا من واشنطن. تزامن هذا التراجع مع دخول الحكومة الفيدرالية الأمريكية في حالة “إغلاق” (Government Shutdown). طب إيه يعني إغلاق حكومي؟ ببساطة كده، لما الكونجرس الأمريكي يفشل في تمرير قانون لتمويل الحكومة قبل الموعد النهائي، بتبدأ بعض الخدمات الحكومية غير الأساسية في التوقف، وموظفين كتير بيقعدوا في البيت بلا أجر.

القصة كلها بدأت بسبب خلاف حاد بين مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون، وبين الديمقراطيين. الجمهوريون فشلوا في تمرير قانون إنفاق مؤقت، بينما يسعى الديمقراطيون لربط هذا القانون بتمديد إعفاءات ضريبية تتعلق بالرعاية الصحية. هذا الجمود السياسي بين الطرفين يسبب اضطرابًا، ليس فقط في أمريكا، بل يمتد تأثيره ليخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية كلها. وكأن الاقتصاد العالمي كله مركب واحد، وأي اهتزاز في أي جزء منه يصل لباقي الأجزاء، والدولار يعكس القلق هذا عالميًا ومحليًا.

إن تراجع الدولار في مصر بالتزامن مع الإغلاق الحكومي الأمريكي، وإن كان طفيفًا، يحمل دلالات هامة. فهل هذا يعني أن الاقتصاد المصري بدأ يستشعر بعض الراحة من ضغط الدولار، أم أنه مجرد انعكاس لحظي لاضطرابات عابرة في قلب الاقتصاد العالمي؟ ناس كتير بتبدأ تسأل: هل ده هيأثر على أسعار السلع المستوردة؟ هل هيخفف العبء شوية عن المصنعين؟ في الغالب، أي تراجع في سعر الدولار يكون خبرًا جيدًا للمواطن الذي يشتري سلعًا مستوردة وللشركات التي تستورد خامات، ولكن السؤال الأكبر: هل الهدوء هذا سيستمر؟ وهل هو نتيجة لسياسات داخلية قوية، أم فقط “هواء” قادم من الخارج؟

المراقبون الاقتصاديون ينظرون بحذر إلى مثل هذه التقلبات. فبالرغم من أهمية هذا التراجع، إلا أن استدامته تعتمد بشكل كبير على مدى طول أمد الإغلاق الحكومي الأمريكي وتداعياته العالمية. هل سيتمكن الجمهوريون والديمقراطيون من التوصل إلى حل وسط سريع؟ أم أن هذا الشد والجذب السياسي سيتعمق ليترك بصماته على أسواق المال العالمية لفترة أطول؟ المصريون، كعادتهم، يراقبون المشهد عن كثب، أملين في أن يكون أي تغيير إيجابي لصالح الجنيه المصري.

في النهاية، يبدو أن قصة الدولار في مصر، وكأنها رواية مستمرة فصولها، لا تنتهي عند رقم معين. فكل يوم يحمل معه جديدًا، وكل حدث عالمي يترك بصمته على اقتصادنا المحلي. إن فهم هذه التفاعلات المعقدة بين السياسة والاقتصاد، محليًا وعالميًا، أصبح ضرورة لكل فرد. فهل نرى استقرارًا حقيقيًا في الأفق، أم أننا سنظل نرقب “رقصة الدولار” بين الصعود والهبوط متأثرين برياح قادمة من بعيد؟ الأيام القادمة وحدها هي التي ستحمل الإجابة، وستكشف لنا أبعاد هذه التحولات الاقتصادية التي لا تتوقف.

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.