هل تخيلت يومًا أن تكون ثروتك الرقمية، التي طالما ارتبطت باللامركزية والغموض، في يوم من الأيام محمية ومزدهرة في قلب صحراء تحولت إلى مركز مالي عالمي؟ الإمارات العربية المتحدة لا تتخيل هذا المستقبل فحسب، بل تصنعه الآن بكل جدية، لتضع نفسها في صدارة الدول الأكثر ترحيبًا بالعملات المشفرة على مستوى العالم. هذا ليس مجرد شعار، بل حقيقة كشف عنها تقرير حديث يرسخ مكانتها كقبلة لعشاق التكنولوجيا المالية.

لقد صعدت دولة الإمارات العربية المتحدة، بتفوق ملحوظ، إلى المرتبة الخامسة عالميًا ضمن قائمة الدول الأكثر ملاءمة للعملات المشفرة بحلول عام 2025. هذا التصنيف الرفيع، الذي جاء ضمن “تقرير ثروة العملات المشفرة 2025” الصادر عن شركتي “هينلي آند بارتنرز” و”نيو وورلد ويلث”، ليس مجرد رقم عابر. إنه شهادة على استراتيجية متكاملة ورؤية واضحة تستهدف استقطاب أصحاب الثروات الرقمية ورواد الأعمال في هذا المجال المتسارع.

لماذا الإمارات بالذات تحتل هذه المكانة المتقدمة؟ بصراحة كده، السر مش محتاج فزلكة كتير: فلوسك الرقمية مش عليها ضرايب. تخيل يا صديقي، أن تكون في بلد لا تفرض أي ضرائب على تداول العملات المشفرة، أو إيداعها، أو حتى تعدينها وبيعها. هذا المناخ الضريبي الخالي من الأعباء يجعل من الإمارات، جنبًا إلى جنب مع موناكو، الوجهة الأولى عالميًا من حيث سهولة تطبيق الضرائب ووداعتها للأصول الرقمية. هذا لوحده كفيل بخلق جاذبية لا تقاوم للمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال الباحثين عن بيئة استثمارية خالية من التعقيدات الضريبية.

لكن الموضوع ليس مجرد إعفاءات ضريبية وبس، فالقصة أعمق من ذلك بكثير. الإمارات تجمع بين هذا المناخ الضريبي السخي ومستويات غير مسبوقة من التبني الرقمي، مما يجذب الأفراد والشركات على حد سواء. هل تعلم أن الإمارات تأتي في المرتبة الثانية عالميًا في تبني العملات المشفرة بعد الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة؟ هذا رقم كبير يعكس مدى وعي المجتمع وحماسه تجاه التكنولوجيا الجديدة.

وخلف هذه الأرقام اللامعة، يقف دعم حكومي قوي ومتجذر. هل سمعت عن هيئة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي (VARA)؟ هذه الهيئة، التي تأسست عام 2022، كانت خطوة غير مسبوقة على مستوى العالم. لم يسبق لدولة أن أنشأت هيئة تنظيمية خاصة وشاملة للأصول الافتراضية. هذا النهج المنهجي والذكي، كما يصفه باسل موهر الزكي، الشريك الإداري في “هينلي آند بارتنرز” بأمريكا الشمالية، هو ما جعل دبي “واحة صحراوية للأصول الرقمية”. يعني من الآخر، الدولة بتبني بنية تحتية كاملة عشان المجال ده يكبر ويزدهر بشكل قانوني ومنظم.

الاستراتيجية الإماراتية تتجاوز مجرد سن القوانين، لتشمل بناء منظومة حقيقية متكاملة. مركز دبي للسلع المتعددة للعملات الرقمية (DMCC)، على سبيل المثال، يضم الآن أكثر من 650 شركة تعمل في مجال البلوكتشين. ولمن هم أكثر جدية، هناك مسارات تأشيرات مخصصة لرواد الأعمال في مجال التكنولوجيا، مما يسهل عليهم الإقامة والعمل في الدولة. هذه البنية التحتية المصممة خصيصًا ليست مجرد دعم، بل هي دعوة مفتوحة للمبدعين والمستثمرين ليكونوا جزءًا من هذا الحراك الكبير.

وللمستثمرين أصحاب الرؤى طويلة المدى، تقدم الإمارات “التأشيرة الذهبية” التي تتيح إقامة قابلة للتجديد لمدة 10 سنوات، وهي متاحة من خلال عدة فئات، منها استثمار عقاري بقيمة 2 مليون درهم. هل فيه أحسن من كده للمستثمر الجاد؟ هذه الفترة الزمنية الطويلة تتماشى تمامًا مع الرؤى المستقبلية لمطوري البلوكتشين الطموحين، كما يؤكد فريدريك بوسلر، مالك شركة التسويق “بوسلر آند كو” في نيويورك. ويضيف بوسلر أن دبي تستقطب مستثمري الأصول الرقمية ذوي القيمة العالية بفضل بنيتها التحتية العالمية وبيئة تنظيمية تجذب رواد الأعمال في مجال العملات المشفرة صراحة.

وبما أننا نتحدث عن التبني، هل تعلم أن الإمارات لديها أعلى معدل ملكية للعملات المشفرة في العالم؟ ما يقرب من 30% من السكان يمتلكون عملات مشفرة. هذا رقم قياسي يوضح مدى اندماج هذه الأصول في النسيج الاقتصادي والاجتماعي للدولة.

على الصعيد العالمي، ورغم هذا التفوق، تأتي سنغافورة في صدارة تقرير ثروة العملات المشفرة لعام 2025، تليها هونغ كونغ، ثم الولايات المتحدة، وسويسرا، وأخيرًا الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الخامسة. هذا الترتيب يضع الإمارات في مصاف القوى الاقتصادية الكبرى التي تحتضن المستقبل الرقمي.

وفي خضم هذا التحول، تتصاعد أعداد أصحاب الملايين من العملات المشفرة بشكل غير مسبوق، حيث وصل عددهم إلى 241,700 فردًا حول العالم، بزيادة ملحوظة بلغت 40% في 12 شهرًا فقط. هذا الارتفاع مدفوع بشكل كبير بزيادة أصحاب الملايين من البيتكوين، الذين ارتفع عددهم بنسبة 70% على أساس سنوي ليصل إلى 145,100 حامل. هذه الأرقام تتحدث بوضوح: الثروات الرقمية في ازدياد صاروخي، والفرص تتوالد بوتيرة مدهشة.

في النهاية، ما الذي يعنيه هذا كله لنا كأفراد أو مستثمرين؟ إن التجربة الإماراتية ليست مجرد سياسات اقتصادية، بل هي رؤية لمستقبل المال والاستثمار، حيث تلتقي السرعة بالتنظيم، والابتكار بالاستقرار. إنها دعوة للتفكير في كيف يمكن للمؤسسات والدول أن تتكيف مع التغييرات الجذرية في المشهد المالي العالمي. الإمارات، بواحتها الرقمية، تقدم نموذجًا حيًا لكيفية بناء جسور بين عالم المال التقليدي وثورة الأصول الرقمية، وتُظهر أن المستقبل ليس بعيدًا، بل يتم بناؤه هنا والآن، في قلب المنطقة. هل يمكن أن تكون هذه هي البداية لموجة جديدة من الابتكار المالي تتجاوز كل التوقعات؟ الأيام القادمة وحدها من ستكشف ذلك.

Leave a Comment

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.