البندول يتأرجح: هل تستعيد بيتكوين عافيتها أم أنها مجرد سحابة صيف عابرة؟

هل تخيلت يوماً أن سوقاً بأكمله يتأرجح بين جنون الصعود وهوس الهبوط كبندول ساعة عملاقة؟ هذا بالضبط ما يحدث في عالم العملات الرقمية، حيث لا يمر يوم دون قصص جديدة عن الثراء السريع أو الخسائر الفادحة. لكن اليوم، يبدو أن البندول يميل نحو بصيص من التفاؤل، مع تحركات سوقية لافتة قد تحمل في طياتها ملامح تحول وشيك، أو ربما تكون مجرد استراحة محارب في بحر التقلبات الدائم.

فقد شهدت الأسواق الرقمية يوم الإثنين أداءً متبايناً، كعادة هذا العالم الصاخب، إلا أن الأضواء كانت كلها مسلطة على “بيتكوين”، ملكة العملات الرقمية بلا منازع. هذه العملة، التي لطالما كانت محرك السوق الرئيسي، استطاعت أن تواصل رحلة صعودها، مضيفةً مكاسب جديدة إلى رصيدها، لتُشعل بذلك آمال المستثمرين وترسم ابتسامة خجولة على وجوه الكثيرين ممن راهنوا عليها.

وبأرقام لا تقبل الجدل، سجلت “بيتكوين” ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 0.7%، لتبلغ قيمتها 116,527.3 دولار أمريكي. هذا ليس مجرد رقم عابر، بل هو استكمال لمسيرة صاعدة بدأتها الأسبوع الماضي، محققةً خلالها مكاسب تجاوزت 5%، مما يضعها في موقع قوة يثير التساؤلات حول مدى استمرارية هذا الزخم. أما “إيثيريوم”، الشقيقة الصغرى والقوية لبيتكوين، فقد حافظت على استقرارها عند مستوى 4,669.36 دولار، لتؤكد مكانتها كثاني أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية. لكن ليست كل الأخبار وردية، فـ”ريبل” (XRP) شهدت تراجعًا طفيفًا بنسبة 1.1%، لتستقر عند 3.0581 دولار، ما يذكرنا بأن السوق لا يزال يحمل في طياته الكثير من التحديات.

هذا الأداء المتباين يأتي بعد أسابيع عصيبة، يمكن وصفها بأنها كانت عاصفة بحق في فضاء الأصول الرقمية. موجات بيع حادة بهدف جني الأرباح، مصحوبة بمخاوف متزايدة بشأن ارتفاع معدلات التضخم عالميًا وتوجهات البنوك المركزية نحو تشديد السياسات النقدية، كلها عوامل تضافرت لتُلقي بظلالها على السوق. الناس كلها كانت بتتكلم عن “النزيف” اللي حصل في الأسعار، ويعني بصراحة كده، الوضع كان صعب على أي حد بيستثمر في العملات دي.

ورغم هذه المكاسب الأخيرة لـ”بيتكوين”، إلا أنها لا تزال تتداول بعيدًا عن ذروتها التاريخية التي سجلتها في شهر أغسطس الماضي. لماذا؟ لأنها تعرضت لموجة هبوط حادة نجمت عن عمليات جني أرباح مكثفة، بالإضافة إلى تراجع ملحوظ في الطلب من قبل المؤسسات الكبرى. هل توجد فجوة بين تطلعات الأفراد واستراتيجيات المؤسسات؟ بكل تأكيد.

وهنا يأتي بيت القصيد: أحد أبرز الأحداث التي أثارت قلق المستثمرين المؤسسيين كانت رفض إدراج شركة “Strategy”، التي تُعد أكبر مالك مؤسسي لعملة بيتكوين، ضمن مؤشر “S&P 500” المرموق. هذا الرفض لم يكن مجرد قرار إداري عابر، بل أطلق العنان لسيل من التساؤلات حول مدى قدرة الشركات التي تحتفظ بحيازات كبيرة من العملات المشفرة على الاندماج بشكل أوسع وأكثر سلاسة في النظام المالي التقليدي. هل ما زالت العملات المشفرة تعتبر “غريبة” على قاعات التداول التقليدية؟

محللو بنك “جي بي مورجان” المرموق، لم يغفلوا عن هذه النقطة، حيث أشاروا إلى أن غياب الإدراج في المؤشرات الرئيسية قد يُضعف من فاعلية استراتيجية “الخزانة المشفرة” على المدى الطويل، وبالتالي يقلل من جاذبيتها لدى المؤسسات الاستثمارية الكبرى. يعني ببساطة، لو شركة عايزة تستثمر في بيتكوين وتتحط في مؤشر زي S&P 500، والرفض بيحصل، ده بيخلي المؤسسات الكبيرة تفكر ألف مرة قبل ما تحط فلوسها.

كل هذه التطورات تتسق مع حالة ترقب شديدة للأسواق نحو اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المرتقب هذا الأسبوع. التوقعات، المستندة إلى عقود آجلة وأدوات مثل “CME FedWatch”، تشير إلى احتمال شبه مؤكد بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. فهل هذا هو الضوء الذي ينتظره الجميع في نهاية النفق؟

يُعد خفض الفائدة عاملًا داعمًا بامتياز للأصول ذات الطابع المضاربي مثل العملات المشفرة، فهو يعزز من تدفق السيولة في الأسواق ويدفع المستثمرين نحو أصول أكثر مخاطرة بحثًا عن عوائد أعلى. تخيل أن البنك المركزي يفتح صنبور الأموال قليلاً، بطبيعة الحال، جزء من هذه الأموال سيتجه نحو الأصول الأكثر إثارة. ومع ذلك، يظل المتداولون متحفظين وحذرين بشأن توجهات السياسة النقدية على المدى البعيد. فهل هذا الخفض المحتمل للفائدة سيكون بداية لعهد جديد من الازدهار الرقمي، أم أنه مجرد دفعة مؤقتة قبل جولة أخرى من الغموض؟ الإجابة، كالعادة في عالم العملات المشفرة، تظل معلقة بين أروقة البنوك المركزية، وشاشات التداول المتقلبة، والقرارات الفردية التي يشكلها ملايين المستثمرين حول العالم. وكل اللي بنقدر نقوله دلوقتي هو: “كله بيستنى يشوف إيه اللي هيحصل”.

Leave a Comment

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.