هل تساءلت يوماً كيف تُبنى المدن الجديدة في مصر؟ أو ما الذي يدفع عجلة التنمية العمرانية في بلد لا تتوقف طموحاته عن التوسع؟ يبدو أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، المهندس الرئيسي وراء هذه الطموحات، قد اتخذت خطوة جريئة مؤخرًا، قد تسرّع من وتيرة العمل وتسهل المهام على شراكاتها الحكومية. الأمر كله يتعلق بتذليل العقبات الإجرائية، وتحديداً تلك المتعلقة برسوم التنازل عن الأراضي والوحدات، والتي كانت في السابق تشكل تحدياً مالياً وإدارياً كبيراً.

في خطوة محورية، وافق مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، خلال جلسته رقم 208 التي عُقدت بتاريخ الأول من سبتمبر 2025، على قرار استراتيجي يقضي بإعفاء جميع الجهات الحكومية التي تبرم بروتوكولات تعاون مع الهيئة من تطبيق بعض أحكام اللائحة العقارية. هذا القرار، الذي صدر قبل أسابيع قليلة، ليس مجرد تعديل إداري عابر، بل هو بمثابة تسهيل كبير من المتوقع أن يُحدث فرقاً ملموساً في طريقة إدارة وتنفيذ المشاريع التنموية الضخمة، خاصة تلك التي تقودها أو تشارك فيها كيانات حكومية.

بصراحة كده، القرار ده بيركز بالأساس على استثناء الجهات الحكومية من دفع مصاريف التنازل عن الأراضي أو العقارات أو حتى المحلات والوحدات، اللي بتكون واقعة ضمن نطاق ولاية الهيئة في المدن الجديدة. يعني من الآخر، لو جهة حكومية عندها بروتوكول تعاون مع هيئة المجتمعات العمرانية وعايزة تتنازل عن حتة أرض أو وحدة سكنية أو تجارية، مش هتدفع الرسوم اللي كانت مفروضة عليها زمان. وده بيشمل أربع مواد مهمة جداً من اللائحة العقارية وتعديلاتها: المواد 21، 22، 23، و29، وهي المواد التي كانت تنظم عملية التنازل وتحديد الرسوم المستحقة.

فلنأخذ الأمر تباعاً لنفهم ماذا كانت تعنيه هذه المواد قبل هذا الإعفاء. المادة 21، على سبيل المثال، كانت تشترط على أي متنازل عن أرض أو وحدة، سواء كان ذلك لتحويل حق أو لإدخال الأرض كحصة عينية في شركة، أن يقدم طلباً رسمياً لجهاز المدينة المختص. تخيل كمية الأوراق والإجراءات التي تتطلبها هذه العملية البيروقراطية! أما المادة 29، فهي بمثابة الختام لهذه العملية، حيث كانت تنص على عدم قبول أي تنازل أو إتمام أي إجراء إلا بعد سداد كافة المستحقات المالية واستيفاء جميع الشروط المنصوص عليها في هذه المواد. يعني الإجراءات كانت حلقة متكاملة من الالتزامات المالية والإدارية التي لا يمكن تجاوزها.

أما المادة 22، فكانت هي صلب الموضوع بالنسبة للجانب المالي. هذه المادة هي التي كانت تحدد الرسوم والمبالغ الواجب سدادها عند التنازل. وهذه الرسوم لم تكن ثابتة، بل كانت تختلف حسب حالة التنازل، وقد تشمل فرق السعر بين وقت تخصيص الأرض وتاريخ تقديم طلب التنازل، أو نسبة مئوية معينة من قيمة الأرض الإجمالية. طبعاً، كان فيه تخفيضات في بعض الحالات زي التنازل للأقارب من الدرجتين الأولى والثانية، ودي كانت بتخفف شوية عن الناس. لكن المادة 23 كانت بتيجي باستثناءات بسيطة، فمثلاً لو التنازل ده مش هيترتب عليه أي زيادة في قيمة الأرض، أو لو كان التغيير مجرد شكل للشركة ومفيش تعديل في رأس المال، فممكن الرسوم دي تتلغي. بخلاف ذلك، كانت الفلوس واجبة الدفع.

لماذا هذا التغيير الآن؟ السؤال ده مهم جداً. الهيئة أوضحت أن هذا الإجراء يأتي في إطار التيسير على الجهات الحكومية وتسهيل آليات التعاون معها في مشروعات التنمية العمرانية المختلفة. فكر فيها كده: لما تكون جهة حكومية بتشتغل على مشروع قومي كبير، أو بتعمل شراكة مع الهيئة لتطوير منطقة معينة، ومطلوب منها تدفع رسوم تنازل مع كل خطوة إجرائية، ده ممكن يعطل الشغل ويزود التكاليف بشكل ملوش داعي. يعني الهدف الأساسي هو إزالة العقبات البيروقراطية والمالية التي قد تعترض طريق مشروعات التنمية العمرانية الطموحة والوطنية.

القرار ده، بكل بساطة، بيفتح أبواب أوسع لتسريع عجلة البناء والتنمية. imagine the sheer scale of government projects that stand to benefit – سواء كانت مباني إدارية جديدة، أو محاور بنية تحتية ضخمة، أو حتى مبادرات الإسكان العام داخل هذه المدن الناشئة. عندما لا تضطر الجهات الحكومية لتحمل أعباء مالية وإجرائية إضافية عند تبادل الأصول أو إعادة هيكلة المشاريع، فإن ذلك يترجم مباشرة إلى وتيرة عمل أسرع، وتوفير في الميزانيات، وقدرة أكبر على التركيز على جوهر المشروع بدلاً من التعقيدات الروتينية. أليست هذه هي الكفاءة التي نسعى إليها جميعاً؟

هذا الإعفاء ليس حدثاً معزولاً، بل هو جزء من رؤية أوسع للدولة المصرية لتوسيع الرقعة العمرانية وخلق مدن جديدة تستوعب الزيادة السكانية وتوفر فرص عمل وسكن كريم. المدن الجديدة، مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة، ليست مجرد كتل خرسانية، بل هي مراكز حضارية واقتصادية يتم تصميمها لتكون قاطرة للتنمية الشاملة. وبما أن الجهات الحكومية هي في صميم هذه العملية، فإن تسهيل مهامها هو استثمار مباشر في مستقبل هذه المدن وفي مستقبل البلاد ككل. المسألة مش بس فلوس، دي تسهيل إجراءات عشان البلد تمشي لقدام أسرع وتنجز مشاريعها الكبرى.

في الختام، قرار هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وإن كان يبدو تفصيلاً فنياً بحتاً في عالم العقارات، إلا أنه يحمل في طياته دلالات عميقة على التوجه العام للدولة نحو مرونة أكبر وتسهيلات إجرائية تخدم الصالح العام وتسرع عجلة التنمية. إنه يعكس إدراكاً لأهمية التعاون الفعال بين مختلف أذرع الدولة لتحقيق الأهداف التنموية الكبرى. فهل سنرى قريباً ثمار هذا التيسير في شكل مشروعات تكتمل بوتيرة أسرع؟ وهل ستصبح مدننا الجديدة أكثر حيوية بفضل هذه الخطوات المدروسة؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة، لكن المؤشرات الأولية تبدو واعدة، مؤكدة أن تسهيل الإجراءات هو الوقود الذي يدفع قاطرة التنمية إلى الأمام بلا توقف.

Leave a Comment

اخبار الاستثمار و المال و الاعمال

COOL M3LOMA

الموقع يوفّر تغطية لحظية لآخر أخبار الاستثمار والأسواق المالية محليًا وعالميًا.

يهتم بمتابعة تحركات الذهب والفوركس والعملات الرقمية مع تحليلات خبراء.

يعتبر منصة شاملة تجمع بين الأخبار، التحليلات، والتقارير الاقتصادية لدعم قرارات المستثمرين.